إن كنت مهتمًّا بمواضيع تطوير الذات، وتسعى منذ بعض الوقت لاستكشاف أسرار النجاح في حياتك لكنك لم تُوفّق بعد في العثور ذلك السرّ الذي يوصلك إلى أهدافك، فأنت لست وحيدًا.
المحتويات
- أسرار النجاح في الحياة لتحقيق أهدافك
- 1- إلى من تستمع؟
- لماذا يعد هذا الأمر مهمًّا؟
- الحقائق ليس سواء آراء!
- إذن…إلى من يجب أن تستمع؟
- 2- مؤشر قابلية التعلم Teachability Index
- كيف أحافظ على نسبة عالية كهذه على الدوام؟
- 3- مقياس ميزان التدريب Training Balance Scale
- 4- الخطوات الأربعة للتعلم Four Steps to Learning
- أولا: العجز اللاواعي Unconscious Incompetence
- ثانيا: العجز الواعي Conscious Incompetence
- ثالثا: الكفاءة الواعية Conscious Competence
- رابعا: الكفاءة اللاواعية Unconscious Competence
- كيف أصل إلى مرحلة الكفاءة الواعية؟
- إذا لم تطبّق فأنت لم تتعلّم!
في الواقع، ومنذ أن بدأت بالاهتمام بمواضيع تطوير الذات والتنمية البشرية، تساءلتُ على الدوام…لماذا لا يصبح الجميع ناجحين؟ لماذا لا يحقق الجميع أهدافهم على الرغم من أنّهم يبذلون -على ما يبدو- كامل جهدهم في محاولة الوصول إليها؟!
قضيتُ ساعات أقرأ كتبًا في مجال تطوير الذات، أو أشاهد مقاطع فيديو حول كيفية تسخير الكون لصالحك لتحقيق رغباتك وأمنياتك…كان هنالك الكثير من المفاتيح و”أسرار النجاح” التي تدّعي أنه وبمجرّد اكتشافها فسوف تنقلب حياتك رأسًا على عقب، وستصبح فجأة مليونيرًا أو مشهورًا أو صاحب تأثير في العالم…
لكن ولسبب ما، لم أفلح في تحقيق أيّ من ذلك… اكتشفتُ الأسرار وعثرتُ على المفاتيح، بيْدَ أنّها لم توصلني إلى أهدافي، ولم تحقق لي رغباتي…
كلّ كتاب كنتُ أقرأه، وكلّ فيديو كنتُ أشاهده كان يبدو لي كنسخة من الآخر، مع بعض التغيير أو التحريف أو الحذف او الإضافة، ومع مرور الوقت بدأتُ أفقد الأمل، وأصابني اليأس من كلّ ما يتعلّق بهذا المجال إلى أن وقع بين يديّ في أحد الأيام سلسلة لمقاطع فيديو بعنوان “Your Wish is Your Command”.
في ذلك الوقت كنتُ قد وصلت إلى حالة من اليأس لا توصف…لم يكن هنالك شيء في حياتي على ما يرام، لا من الناحية الوظيفية أو الشخصية أو غيرها…
وقرّرتُ من جديد أن أمنح مجال “تطوير الذات” فرصة أخيرة، وبدأت بالإستماع إلى هذه المقاطع.
منذ الدقائق الأولى، أبهرتني المعلومات التي تضمّنتها السلسلة، كانت مختلفة وجديدة عليّ…كانت بسيطة وسهلة، لكنّها في الوقت ذاته عميقة، وعند تطبيقها بدأتُ ألحظ تغييرًا حقيقيًا في مجريات حياتي، بل وحتى عندما لم تتحقّق أهدافي، أصبحت أعي سبب عدم تحققها وأفهم العائق الذي يحول بيني وبين الوصول إليها.
في مقال اليوم، أودّ أن أشارككم 4 من أسرار النجاح التي ستساعدكم على تحقيق أهدافكم بحسب ما أشار إليها كيفين ترودو في سلسلة Your Wish Is Your Command.
أسرار النجاح في الحياة لتحقيق أهدافك
هذه الأسرار ما هي إلّا مفاهيم أساسية (وبسيطة أيضًا) احترفها كبار الناجحين سواءً عن وعي بها أو بشكل تلقائي، وكان لها الدور في تغيير حياتهم للأفضل، ومساعدتهم للوصول إلى مراتب أعلى في حياتهم وعلى كافّة الأصعدة.
لنتحدّث عنها بتفصيل أكبر!
1- إلى من تستمع؟
أو كما يوضّحها كيفين: “Who do you listen to؟”…
هذا أحد أهمّ الأسئلة التي ستطرحها على نفسك خلال مراحل متعددة من حياتك، والتي ستحدّد نجاحك وسعادتك. الإجابة عن هذا السؤال ستشكّل هوّيتك كشخص، وتبني عقليّتك، بل وواقعك أيضًا. وهذا أول أسرار النجاح الأربعة التي يوضّحها كيفين تروردو في سلسلة محاضرات “Your Wish Is Your Command”.
لماذا يعد هذا الأمر مهمًّا؟
وقبل أن نتعمّق في الحديث أكثر حول “من” هم الأشخاص الذين تستمع إليهم، لابدّ أن نفهم أولاً السبب وراء كون هذا السؤال غاية في الأهمية في المقام الأول.
يوجد في الواقع طريقتان أساسيتان لاكتساب أيّ معلومة أو معرفة جديدة:
- من خلال حياتك الخاصّة عن طريق التجربة المباشرة، أو…
- عن طريق الاستماع إلى الآخرين والتعلّم منهم.
فكّر في دماغك على أنّه جهاز كمبيوتر فائق التطور (وهو في الحقيقة أكثر تطوّرًا من ذلك بكثير!)، وفكّر في البرامج التي تُشغّل وتسيّر هذا الكمبيوتر هي العقل، عقلك أنت، أمّا المعرفة والمعلومات التي تكتسبها فهي الإرشادات والأوامر التي تعطيها لهذا الحاسوب.
وبالتالي، فإنّ المخرجات التي ستحصل عليها (بمعنى آخر النتائج التي تتجسّد في حياتك) ستكون جيّدة ومُرضية وذات جودة عالية في حالة واحدة فقط…عندما تكون المدخلات (المعلومات) التي تزوّد عقلك بها ذات جودة عالية هي الأخرى.
إذن، وحتى تضمن الحصول على النتائج التي تريدها في حياتك، أليس من المهمّ في هذه الحالة أن تكون انتقائيًا وواعيًا بما تُغّي به عقلك؟
بالطبع هو أمرٌ في غاية الأهمية!
الحقائق ليس سواء آراء!
هنالك أمرٌ آخر لابدّ من فهمه جيدًا. معظم ما يسميّه الآخرون بـ “حقائق” ما هي في واقع الأمر إلاّ “آراؤهم” الخاصّة. وهذا يعني أنّ غالبية “الحقائق” ليست حقائق أصلاً، إنها ببساطة رأي شخصٍ معيّن حول ما يعتقد أنّه الحقيقة أو ما يظنّ أنّه يجب أن يكون الحقيقة.
قد تكون هذه الآراء المختفية وراء قناع “الحقيقة” حديثة لشخص من عصرنا الحديث، أو قديمة قدم الزمان تناقلناها عن آباءنا وأجدادنا.
من المهمّ أن تعي هذا الأمر جيّدًا، فعندما تنظر لجميع الحقائق من حولك على أنّها مجرّد آراء، أنت تسلبها تلك القوّة التي تسيطر بها عليك، والتي قد تحرمك أحيانًا من الوصول إلى أهدافك، كالحقيقة التي تقول مثلاً أنّ السبيل الأوحد للنجاح في مسيرتك المهنية هو بالعمل الجادّ والمثابر وتكريس حياتك بأكملها للعمل. أو تلك التي تؤكّد أن الوصول للثراء طريق صعب مليء بالمشاقّ والتحدّيات…الخ.
إذن…إلى من يجب أن تستمع؟
استمع للأشخاص الذين سبق لهم أن كانوا في مكانك، والذين وصلوا اليوم إلى ما ترغب في الوصول إليه. أنصِت لأشخاص يضعون مصلحتك الخاصّة في الحسبان، ولا يخفون وراء كلماتهم وأحاديثهم أجندات مخفية تخدم مصالحهم فقط.
أصغِ لأولئك الذين يتمتّعون بالذكاء والحكمة، يقدّمون معلوماتهم بناءً على أدلّة علمية حقيقة لم يتمّ التلاعب بها، والذين يتمتّعون بقلب نظيف ومبادئ روحية وأخلاقية قوية.
أطفئ وسائل الإعلام، وقم بإجراء بحثك الخاصّ للعثور على مصادر مستقلة غير متحيّزة. لا تصدّق كلّ شيء تسمعه من حولك، ومحّص كلّ معلومة وكلّ حقيقة تسمعها من هنا أو من هناك، خاصّة إن كان لهذه المعلومات تأثير مباشر على حياتك المستقبلية وأهدافك الخاصّة.
استعن بقلبك وحدسك للتفريق بين الحقيقي والمزيّف، فالحدس بلا شكّ هو الوسيلة الأصدق للتمييز بين الحقيقة والكذب.
فكّر فقط في عدد المرّات التي انتابك فيها ذلك الإحساس الغريب في معدتك تجاه موقف أو قرار معيّن، شعور غريب من التوتر وعدم الارتياح… ألم يكن صادقًا في غالب الأحيان (إن لم يكن كلّها)؟!
هذا هو الحدس الذي نتحدّث عنه…
أما عن أفضل طريقة لشحذ الحدس وتطويره فهي بالتأمل…أجل! التأمل… الأمر بهذه البساطة!
كلّما مارست تمارين التأمل أكثر، وطوّرت من حاستك السادسة، اتسعت بصيرتك، وانفتحت أمامك أبواب ودروب للنجاح لم تكن تتخيّلها قبلاً، وأصبحت أكثر مقدرة على النظر أبعد من العالم المادّي و”الحقائق المزعومة” أمامك.
اقرأ المزيد: ما لا تعرفه عن قانون الجذب
2- مؤشر قابلية التعلم Teachability Index
مؤشر قابلية التعلم هو أحد أقوى المفاهيم التي سمعتها في حياتي، وثاني أسرار النجاح في الحياة. لقد كانت المرّة الأولى التي أعرف عنه فيها هي عند الاستماع إلى سلسلة محاضرات “Your Wish Is Your Command”.
إنّه مبدأ بسيط للغاية، لكنّه أحد أهمّ الأمور التي تميّز الأشخاص العاديين عن الناجحين المتميزين.
وفقًا لهذا المؤشر، هنالك بُعدان، أو قسمان رئيسيان:
- قابلية التعلم
- قابلية التغيّر
أما قيمة مؤشر قابلية التعلم فيتمّ حسابه من خلال تطبيق المعادلة التالية:
مؤشر قابلية التعلم = قابلية التعلم × قابلية التغير
ولحساب هذه القيمة، ما عليك سوى الإجابة عن الأسئلة التالية:
- من 1 إلى 10، ما هي شدّة رغبتك في تعلم شيء جديد (ذو علاقة بأهدافك التي ترغب في تحقيقها)؟
- من 1 إلى 10، ما مدى استعدادك للاستثمار في عملية التعلم هذه (هل أنت مستعد للتضحية بوقتك وجهدك وإنفاق مالك للتعلّم)؟
الآن قم باستبدال القيميتين في المعادلة الموضّحة أعلاه، لتحصل على نسبة مئوية تمثّل مؤشر قابلية التعلّم الخاصّ بك.
بالطبع كلّما كانت القيمة أقرب للمئة، كان ذلك أفضل لك كي تحقق النجاح. بمعنى آخر، عليك أن تنتهج سلوك: “سأفعل أيّ شيء كي أتعلم هذا الأمر او هذه المهارة”.
وهنا قد تتساءل:
كيف أحافظ على نسبة عالية كهذه على الدوام؟
نحنُ بالطبع لسنا ملائكة، إنّنا بشر نعيش في عالم متقلّب تختلف ظروفه وتتأرجح ما بين المذهلة والجيدة والسيئة للغاية.
من منّا لم يمرّ بيوم صعب، أو واجه فترة من حياته شعر خلالها أنّه منطفئ تمامًا وفاقد الرغبة في تحقيق أيّ شيء؟
من منّا لم يفشل أو يشعر بالإحباط واليأس في مرحلة من مراحل حياته؟
كلنّا بالطبع مررنا بلحظات لم نكن فيها في أحسن حالاتنا، ولكن ذلك لا يعني أنّه يجب علينا البقاء هناك…
عندما تبدأ بقياس مؤشر قابلية التعلم الخاصّ بك في كلّ وقت، ستتمكّن من تخمين مخرجاتك المستقبلية.
كيف ذلك؟
لنفترض أنّك ترغب في بدء مشروع جديد، وتحتاج إلى تعلّم بعض الأمور حول هذا المشروع، أساليب تشغليه وأهمّ استراتيجيات إنجاحه. وقمت بحساب مؤشر قابلية التعلّم، فكانت قيمته 40/100…
ستدرك في هذه الحالة أنّك قد لا تحقق النجاح الذي تريده حقًا من هذا المشروع، ويمكنك هنا أن تحلّل أسباب عدم رغبتك في التعلّم، أو عدم قدرتك على التغيّر.
يجدُر التنويه هنا أنّ الأمر قد لا يكون سلبيًا على الدوام، ربّما لديك وظيفة لا تستطيع تركها، وبالتالي لا تملك وقتًا كافيًا، أو ربما تواجه بعض الظروف الشخصية التي تؤثّر على صحّتك النفسية وتحول بينك وبين التفرّغ التام لهذا المشروع.
تستطيع بعد تحليل جميع الأسباب البدء في العمل نحو حلّها من أجل أن ترفع قيمة المؤشر. يمكنك مثلاً أن تبدأ البحث عن وظيفة أقلّ استهلاكًا لوقتك، أو أن تضع خطّة لادخّار بعض المال ثمّ ترك الوظيفة من أجل التفرّغ للعمل على مشروعك الخاص.
يمكنك أن تسعى لحلّ ظروفك الشخصية، وتحسينها حتى تجد نفسك في حالة ذهنية أفضل تمكّنك من تخصيص وقت وجهد أكبر لهذا المشروع.
وهكذا فإنّ مؤشر قابلية التعلم هو أشبه بالجهاز الذي يراقب عن كثب حالتك ويقدّم لك معلومات حول مدى استعدادك لتحقيق أهدافك.
الخلاصة: إن كنت تريد الوصول إلى النجاح، اسعَ دومًا لرفع قيمة مؤشر قابلية التعلّم إلى المئة أو ما يقاربها!
3- مقياس ميزان التدريب Training Balance Scale
مفهوم آخر من المفاهيم المهمّة التي طرحها كيفن ترودو في محاضراته، والسر الثالث من أسرار النجاح في الحياة هو مقياس ميزان التدريب. لتفهم هذا المقياس، كلّ ما عليك فعله هو أن تتخيّل ميزانًا ذا كفتين.
في الكفّة الأولى يمكنك أن تضع كلّ ما يدور في عقلك. أفكارك ومشاعرك… بمعنى آخر “الغاية” أو الـ “السبب” الكامن وراء قيامك بما تقوم به.
من الأمثلة على الأمور التي يمكنك تصنيفها في كفّة الميزان هذه:
- الأفكار.
- الرغبات.
- الأحلام.
- الأهداف.
- السلوكيات.
- العمليات الذهنية والعقلية.
- النوايا.
- المشاعر والأحاسيس.
- الدافع والشغف.
أمّا كفة الميزان الثانية فهي مخصّصة للأمور والأفعال التي تقوم بها من أجل تحقيق الأهداف والطموحات والأحلام. بمعنى آخر، “الكيفية” أو الـ “كيف” وراء القيام بالأشياء.
تشمل هذه الكفّة أمورًا مثل:
- ردود الفعل.
- الحركة.
- التقنيات.
- الاستراتيجيات.
- خطوات التنفيذ.
- المخططات والخطط.
- النشاطات والأنشطة الجسمانية.
الآن، لو طرحت عليك السؤال:
“أيّ كفتيّ الميزان هي الأهمّ لتحقيق أهدافك وأحلامك؟”
الجواب واضح، أليس كذلك؟! ستقول:
“الكيفية بالتأكيد، لا بدّ أن أركّز على وضع الخطط والتخطيط الجيّد وبذل الجهد والقيام بالأنشطة والخطوات اللازمة لكي أتمكّن من تحقيق الأهداف التي أسعى إليها!”
لكن… أليس هذا ما يقوله الجميع؟! أليس هذا ما تعلّمناه منذ الصغر؟
إذن لماذا كثيرون منّا يفشلون في تحقيق أحلامهم؟ لماذا ليس الجميع أغنياء، أو ناجحين أو راضين عن حياتهم؟!
الإجابة تكمن في “مقياس ميزان التدريب”….
الحقيقة التي لا يعرفها الكثيرون، و”سرّ النجاح” يكمن في أنّ التركيز يجب أن يكون بنسبة 99.9% على الجانب الأول من الميزان (الغاية، الشغف، الرغبات…) وبنسبة 0.1% فقط على “الكيفية” أو الجانب الثاني من المقياس.
هذا هو السرّ…وهذه هي وصفة النجاح.
قبل أن تبدأ بوضع الخطط والتفكير في “كيفية” الوصول إلى مبتغاك، ركّز أولاً على السبب الجوهري الذي يدفعك للقيام بهذه الخطوة. هذا السبب هو ما سيدفعك ويُعينك على الاستمرار، بل ويضمن لك الوصول أيضًا.
ركّز في الأمر، وابدأ تطبيقه في حياتك وسترى الفرق!
4- الخطوات الأربعة للتعلم Four Steps to Learning
الخطوة الرابعة وآخر أسرار النجاح التي ستساعدك على تحقيق أهدافك هي أن تحترف المبادئ الأربعة الأساسية للتعلّم.
بمعنى آخر، أن تكون على علم ودراية بالمراحل التي تمرّ بها عملية تعلّم أيّ شيء جديد من حولنا. سواءً كان ذلك لغة جديدة، مهارة، معلومة، رياضة…الخ.
جميع المعلومات الجديدة التي نكتسبها تمرّ بالمراحل أو الخطوات الأساسية التالية:
أولا: العجز اللاواعي Unconscious Incompetence
ويمكن التعبير عنها بجملة: “أنت لا تعلم أنّك لا تعلم!”
أيّ أنك تجهل عدم أهليتك، أو عدم معرفتك بأمر معيّن، فلو افترضنا مثلاً أنّك لم تركب دراجة في حياتك قطّ، وسألك أحدهم عمّا إذا كنت تودّ الذهاب في نزهة على الدراجة… قد توافق حينها معتقدًا أنّك قادر على ركوب وقيادة الدراجة بسهولة. أنت هنا لا تعلم أنّك لا تحسن ركوب الدراجة وهذا هو العجز اللاواعي.
ثانيا: العجز الواعي Conscious Incompetence
ويمكننا التعبير عن هذه المرحلة بجملة: “أنت تعلم أنّك لا تعلم!”
بمعنى أنّك تعرف بأنّك تفتقر للمعرفة، المهارة أو الكفاءة الكافية للقيام بأمر ما.
واستكمالاً للمثال السابق، فلنفترض أنّك ذهبت في نزهة مع صديقك، وركبت الدراجة لأول مرّة في حياتك، فوقعت عنها في اللحظات الأولى… هنا انتقلت إلى مرحلة العجز الواعي، وأصبحتَ مُدركًا أنّك في الحقيقة لا تُحسن ركوب الدراجة.
ثالثا: الكفاءة الواعية Conscious Competence
أيّ أنك “تعرف أنّك تعرف!”
بمعنى آخر، أنت تعرف أنّك تملك مهارة، مقدرة، كفاءة، خبرة أو معرفة حول أمرٍ معيّن.
وبحسب مثالنا، فأنت ستنتقل إلى مرحلة الكفاءة الواعية فيما يتعلّق بركوب الدراجة، بعد أن تقرّر التدرّب لمرات عديدة وتتعلّم تقنيات التوازن وتحريك البدّالات في الدراجة لتصبح قادرًا على قيادتها.
في هذه المرحلة، وأثناء القيادة، ستجد نفسك مركّزًا على حركة قدميك، على توازنك، على أجزاء الدراجة المختلفة، والظروف المحيطة بك التي قد تؤثّر على قيادتك.
أنت تقود الدراجة عن وعي بخطوات القيام بذلك.
رابعا: الكفاءة اللاواعية Unconscious Competence
وهنا: “أنت تعرف أنّك تعرف والأمر يحدث بديهيًا!”
أنت تدرك أنّك تملك مهارة أو مقدرة أو معرفة معيّنة، وتقوم بها بشكل تلقائي دون تفكير أو تركيز.
بحسب مثال قيادة الدراجة، فأنت ستصل إلى هذه المرحلة بعد أن تعتاد تمامًا على قيادتها، وسيصبح الأمر تلقائيًا.
بعد فترة من الزمن لن تفكّر بأنه يجب عليك تحريك قدميك على البدّالات، أو الضغط على المكابح للتوقف أو غيرها، ولن تصبّ جام تركيزك على عملية القيادة. إذ ستصبح عملية تلقائية لا تحتاج منك إلى تفكير.
وحتّى تتمكن من تحقيق النجاح في حياتك، يجب عليك احتراف كلّ شيء على مستوى الكفاءة اللاواعية. المعلومات الجديدة المتعلقة بمجال عملك أو دراستك أو تخصصك، أو مشروعك يجب أن تكون محفورة في عقلك وتطبّقها بشكل تلقائي.
لا يمكنك أن تنجح في التجارة نجاحًا باهرًا وأنت تجهل تقنيات التسويق، بل وتجهل أنك لا تعرف عن التسويق الكثير (العجز اللاواعي).
لن تنجح أيضًا عندما تدرك أنّك تجهل تقنيات التسويق الصحيحة وعوامل نجاح العمل التجاري (العجز الواعي).
ربما تحقق بعض المبيعات عندما تبدأ بتعلّم تقنيات واستراتيجيات التسويق، وحينما تتعمّق أكثر في هذا المجال (الكفاءة الواعية).
لكن…
عندما تحترف مهارات التسويق، وتسلّح نفسك بالمعلومات المهمّة والاستراتيجيات اللازمة للنجاح في السوق، وتتمكّن منها تمكّنًا كاملاً… ستجد أنّ أرباحك بدأت تتضاعف وتتزايد بسرعة قياسية.
وهنا ربّما تتساءل:
كيف أصل إلى مرحلة الكفاءة الواعية؟
يتمّ ذلك أوّلا من خلال الانفتاح الدائم على التعلّم والمعرفة (مؤشر قابلية تعلم عالي) وأخذ العلم من المصادر الصحيحة (إلى من تستمع؟) وأخيرًا التكرار الدائم والتدريب المستمر.
لكن انتبه، يجب أن يكون التدريب مبنيًا على أسس صحيحة (مرّة أخرى، إلى من تستمع؟) والتكرار يجب أن يكون لخطوات صحيحة.
فكّر في الأمر، لو تمّ إعطاؤك وصفة ناقصة لإعداد قالب حلوى، وقمت بتحضيره للمرة الأولى، لن تحصل على النتيجة التي تريدها…
وحتى لو كررت الوصفة ذاتها مئة مرّة، ستحصل على النتيجة ذاتها، قالب حلوى سيء!
كذلك الأمر بالنسبة لكلّ شيء آخر في الحياة… إن لم تتبع الخطوات الصحيحة لتحقيق هدف معيّن فلن تصل إليه ما لم تغيّر الوصفة… هكذا هو الأمر ببساطة.
إذا لم تطبّق فأنت لم تتعلّم!
كانت هذه إذن أسرار النجاح والمفاتيح الأربعة الأساسية لتحقيقه في حياتك:
- إلى من تستمع؟
- مؤشر قابلية التعلّم.
- مقياس ميزان التدريب.
- المراحل الأربعة لاكتساب المعلومات الجديدة.
قبل أن تقرأ هذه الخطوات سريعًا وتهمهم لنفسك: “أنا أعلم كلّ هذا…” تذكّر أمرًا مهمًّا:
إذا لم تطبّق هذه الاستراتيجيات حقًا في حياتك وترى منها نتائج ملموسة فأنت لم تتعلّم، ستكون عالقًا في مرحلة “العجز الواعي” أو “الكفاءة الواعية” في أفضل الحالات، وهي أماكن لن تضمن لك الوصول إلى أهدافك وتحقيقها كما تشاء حقًا.
أبقِ عقلك منفتحًا، وروحك متعطّشة للتعلّم المستمر… اختر قدوتك بحذر وذكاء، واجعل من شغفك دافعًا لك في دربك… ستصل حتمًا وسيكون النجاح حليفك بلا شكّ!
المصدر: gabrielboth