ازداد في الآونة الأخيرة الاهتمام بمفهوم الصحة النفسية وعلاقتها بالصحة الجسدية، بل وأثرها على حياة الفرد وعلاقاته.
المحتويات
- تعريف الصحة النفسية
- تاريخ الصحة النفسية
- أهمية الصحة النفسية: كيف تؤثر الصحة النفسية على حياتك؟
- 1- العلاقات
- 2- العمل والدراسة
- 3- الصحة العقلية
- 4- الصحة الجسدية
- كيف تحافظ على صحتك النفسية؟
- 1- تمرن على الوعي بالذات
- 2- اتصل وتواصل مع الغير
- 3- سيطر على التوتر
- 4- اهتم بصحتك الجسدية
- 5- وازن حياتك
- 6- استثمر في ساعات نوم كافية
- كلمة أخيرة
لم يعد مفهوم الصحّة اليوم مقتصرًا على صحة الجسد وحسب، بل أصبح يعبّر عن مفهوم متكامل يشمل الجوانب الروحية والذهنية أيضًا.
فما هي الصحة النفسية؟ ما هي أهميتها؟ وكيف يمكن لك أن تحدّد ما إذا كنت تتمتّع بصحة نفسية جيدة أم لا؟
تعريف الصحة النفسية
يُقصد بمصطلح الصحة النفسية، الرفاه النفسي أو الـ Emotional Wellness، قدرة الفرد على السيطرة على مشاعره وكذلك مختلف التجارب التي تواجهه في حياته. ويعرّف المركز الوطني للصحة النفسية في الولايات المتحدة الأمريكية، الصحّة النفسية بأنّها:
“مجمل الوعي بمشاعرنا وفهمها وتقبّلها، بالإضافة إلى المقدرة على إدارة التحدّيات والتغيّرات التي تواجهنا في حياتنا”.
تاريخ الصحة النفسية
انتشر “الرفاه” أو “الصحة” بمفهومها الواسع في أوروبا في خمسينيات القرن الماضي. حيث أنّ الثقافات الأوروبية لم تولي أهمية كبرى لهذا الجانب، بعكس ما هو الحال عليه في دول آسيا التي كانت على اطلاع بمواضيع الصحة والطبّ منذ آلاف السنين، بل وعرف أشكالاً متنوعة منه، كالطبّ التقليدي الصيني والأيورفيدا (شكل من أشكال الطب البديل المنتشرة في الهند).
لا يمكننا أن ننسب الفضل في اكتشاف “الصحة النفسية” إلى شخص محدّد. ولكن تزايد خلال العقود الأخيرة، الفهم العام للشعوب والثقافات بأنه من المستحيل عيش حياة صحيّة ومُرضية إن لم يكن المرء على ما يرام من الناحية العاطفية (النفسية).
اليوم، أصبحت الصحّة النفسية نقطة تركيز مهمّة ومحورية في عند الحديث عن الصحة والعافية الشاملة، حيث أصبح شهر أكتوبر هو “شهر الصحة والرفاه النفسي”، الأمر الذي يدلّ على أهمية هذا المفهوم في وقتنا الحاضر.
أهمية الصحة النفسية: كيف تؤثر الصحة النفسية على حياتك؟
قد لا تدرك حجم وعدد الجوانب الحياتية التي تتأثر بمدى صحّتك النفسية وتتحسّن أو تسوء تبعًا لها. لنلقِ نظرة سريعة حول مدى تأثير قدرتك على فهم وإدارة مشاعرك على جوانب حياتك:
1- العلاقات
عندما نتعامل مع الآخرين، لابدّ لنا من فهم منظورنا الخاصّ حول مختلف القضايا. قد نختلف في بعض الأحيان مع الآخرين، ولكن… كي نحافظ على علاقاتنا سعيدة وصحيّة، علينا أن نمتلك القدرة على التعامل مع هذه الخلافات بهدوء وبأسلوب صحيح.
إن لم تكن قادرًا على التعامل مع مشاعرك بشكل صحيح، ستجد صعوبة حتمًا في التعامل مع مشاعر الغير. وهنا تلعب الصحّة النفسية دورًا مهّمًا في التأثير على علاقاتنا مع الآخرين، سواءً كانت هذه العلاقات شخصية أو مهنية.
بمعنى آخر، حتى تتمّكن من بناء علاقات صحيّة مع الغير، لابدّ أن تكون أنت سليمًا نفسيًا وعاطفيًا. حيث أنه كلّما تحسّنت صحتك النفسية، زادت مقدرتك على تقديم الدعم والرعاية لمن تحبّهم وتهتمّ لأمرهم.
2- العمل والدراسة
سواءً كنت تمتلك عقودًا من الخبرة في مجال عملك، أو أنّك لا تزال تحاول اكتشاف مسارك في الحياة، فإن قدرتك على التعامل مع المواقف التي تعترضك يبقى عاملاً جوهريًا وحاسمًا لنجاحك.
أن تفهم ماهيّة مشاعرك، وتُحسن التعامل مع هذه المشاعر، وكذلك أن تمتلك القدرة على المضي قدمًا بعقلية إيجابية وروح متفائلة، كلّها عوامل ستساعدك على تحقيق نتائج أفضل على الصعيدين الدراسي المهني.
3- الصحة العقلية
قد يبدو هذا بديهيًا، لكن لا ضير من التأكيد عليه….
تعدّ صحتك النفسية جزءًا هامًّا من صحّتك العقلية. في حين أنّ هذه الحقيقة تنطبق على الجميع، بيْد أنّها ذات أثر أعظم على أولئك الذين يعانون من اضطرابات ومشاكل عقلية.
حينما يتواصل هؤلاء الأشخاص مع مشاعرهم الداخلية، ويتعرّفون على كيفية التعامل معها، سيصبحون أكثر قدرة على التعامل مع التحديات العقلية التي يعانون منها وبالتالي تجاوزها وعدم السماح لها بإعاقة مسار حياتهم.
اقرأ أيضًا: 14 طريقة للتخلص من الشعور بالوحدة
4- الصحة الجسدية
لا أحد ينكر العلاقة بين الصحة النفسية والجسدية ، فكلتاهما وجهان لعملة واحدة وتؤثّر كلّ واحدة منهما على الأخرى.
في الواقع، تشير الكثير من الأبحاث والدراسات الحديثة إلى أنّ السبب الأساسي للعديد من المشكلات الصحية الجسدية هو في الواقع نفسي. وكثيرة هي القصص التي سمعناها عن أُناس يعانون من أمراض خبيثة، تمكّنوا من التغلّب عليها من خلال تحسين صحّتهم النفسية والحفاظ على حالة عاطفية إيجابية.
كيف تحافظ على صحتك النفسية؟
بعد أن تعرّفت على مفهوم الصحة النفسية، وأهميتها في عيش حياة صحية بشكل عام، ربّما تجد نفسك تتساءل عمّا يمكنك فعله للحفاظ عليها وتعزيزها، بل ورفع نسبة شعورك بالرفاه النفسي لضمان عيش حياة سعيدة رائقة.
فيما يلي بعض الخطوات التي ستساعدك على تحقيق هذا الأمر:
1- تمرن على الوعي بالذات
الوعي بالذات أو الـ mindfulness، هو تلك القدرة على العيش في اللحظة الراهنة. فبدلاً من عيش حياتك بنمط القيادة التلقائية أسيرًا للظروف وأحكام وآراء الغير، سيساعدك الوعي بالذات على أن تكون جزءًا حقيقيًا من حياتك، وأن تشارك في صنعها أيضًا.
ليس هذا وحسب، إذ يسهم الوعي بالذات في تحسين صحّتك الجسدية والذهنية أيضًا، ويمكنك ممارسة تمارين الوعي بالذات في أيّ وقت وأثناء القيام بمختلف نشاطاتك اليومية بدءًا بالركض والرياضة ووصولاً إلى الأكل وحتى النوم والاسترخاء.
2- اتصل وتواصل مع الغير
لا داعي لأن تمضي في هذه الرحلة بمفردك!
صحيح أنّ الصحة النفسية ترتبط ارتباطًا أساسيًا بمشاعرك وتعاملك معها، لكن تذكّر… أنت تختبر وتعيش هذه المشاعر في كثير من الأحيان مع الغير، وتتشارك جزءًا كبيرًا منها مع الآخرين.
من الآن فصاعدًا، ضع لنفسك هدفًا بأن تتحدّث عن مشاعرك مع الآخرين، وهو ما سيقودك لفهم هذه الأحاسيس على نحو أفضل. اسأل أصدقاءك والمقرّبين منك عن مشاعرهم وعن طريقتهم في التعامل معها حتى تتمكّن من اختبار الحياة من زوايا متعدّدة.
اقرأ المزيد: لماذا نعاني من الانفصال عن العالم الخارجي؟
3- سيطر على التوتر
التحكّم في التوتر لن يضمن لك صحة نفسية أفضل وحسب، بل وصحة جسدية أفضل أيضًا. ابد بتجربة طرق مختلفة للتحكّم في مستويات التوتّر لديك إلى أن تعثر على الوسيلة الأفضل التي تُشعرك بالارتياح والرضا:
- جرّب تمارين التأمل على يوتيوب.
- حمّل أحد تطبيقات تنظيم وتخفيف التوتر على هاتفك.
- مارس رياضة تحبّها أو قم بنزهة في الخارج بين أحضان الطبيعة.
- خذ حمّامًا منعشًا، أو استمع للموسيقى التي تفضّلها.
- تمرّن على التنفس العميق.
هذه عيّنة بسيطة من الطرق المختلفة التي يمكنك القيام بها لتخفيف مستويات التوتّر لديك، ويمكنك دائمًا أن تستحدث طرقك الخاصّة التي تُشعرك بالتحسّن وتقلّل من إحساسك بالقلق.
4- اهتم بصحتك الجسدية
غالبًا ما يفكّر البعض بالصحة النفسية والجسدية بشكل منفصل، فيركّزون على إحداهما ويتجاهلون الأخرى، لكن… وكما رأينا هنا فهما مرتبطتان معًا ارتباطًا وثيقًا. لذا إن كنت تجد صعوبة في تطبيق طرق تحسين صحّتك النفسية، يمكنك البدء بالعمل على تطوير صحّتك الجسدية.
تناول الغذاء الصحي، ممارسة الرياضة، الابتعاد عن التدخين والممارسات الصحية الخاطئة، جميعها طرق لتحسين صحّتك الجسدية، وبالتالي رفع نسبة الرفاه العاطفي والنفسي لديك.
ضع لنفسك خطّة لعيش حياة صحيّة جسديًا، وسترى تأثير ذلك على صحّتك النفسية وشعورك بالرضا والارتياح العاطفي.
5- وازن حياتك
الموازنة بين الحياة الشخصية والمهنية هو أمر كثُر الحديث عنه مؤخرًا في مجتمعاتنا، حيث بدأ الناس يلاحظون أنّ التركيز على العمل فقط يحرمهم من الاستمتاع بأوقات المرح أو مشاركتها مع أحبائهم، وهو أمر ينعكس سلبً على الصحة النفسية والرفاه العاطفي.
لذا، وحتى تكون في أفضل حالاتك النفسية، احرص على خلق توازن بين حياتك الشخصية والمهنية.
خصّص وقتًا للمرح والقيام بالأنشطة الترفيهية مع العائلة والأصدقاء، وضع حدودًا صارمة كي لا تتداخل ساعات العمل مع أوقات الراحة والاسترخاء.
6- استثمر في ساعات نوم كافية
عاداتك في النوم تؤثّر بشكل كبير على صحّتك النفسية وكذلك الجسدية. فكلّما كانت جودة نومك أفضل، تحسّن شعورك عند اليقظة.
لذا، فقد حان الوقت لتتخلّص من كوب القهوة الذي تحتسيه في ساعات الليل المتأخر، أو الوجبات الدسمة أو ساعات النوم العشوائية.
بدلاً من ذلك، اصنع لنفسك روتين نوم صحي، من خلال تحديد أوقات ثابتة تخلد فيها للنوم، وشرب كوب من الأعشاب التي تساعد على الاسترخاء، وتقليل استعمال الأجهزة الإلكترونية في السرير.
كلمة أخيرة
لا تقلّ الصحة النفسية والرفاه العاطفي أهمية عن الصحة الجسدية، فكلتاهما متداخلتان وتؤثّران على بعضهما البعض. قد تبدو الخطوات السابقة بسيطة للغاية، وربما يشكّ البعض في قدرتها على تحسين مشاعرك وصحّتك، لكن الأمر هو حقًا بهذه البساطة.
لست بحاجة إلى زيارة أخصّائي نفسي، أو تناول أدوية مهدئة لتعالج شعورك بالقلق أو التوتر أو غيرها من المشكلات النفسية.
ابدأ الآن بتطبيق هذه الخطوات، تعمّق في فهم مشاعرك، تقبّلها، وتعلم كيفية احتوائها والسيطرة عليها، وضع لنفسك خطة من أجل تحسين صحّتك الجسدية.
ستذهلك النتائج حتمًا، وستبدأ بملاحظة أثر ذلك على كلّ مناحي حياتك.