عند الخوض في عالم علم النفس وتحليل الشخصية، لا يمكننا بطبيعة الحال أن نتجاهل الإرث العملاق الذي خلّفه كارل يونغ في هذا المجال. لقد بنى هذا الأخير جسرًا بين العقل البشري وعالم اللاوعي الغامض مُتيحًا المجال بذلك لفهم الذات البشرية بصورة أعمق.
المحتويات
وفي رحلته المثيرة في تحليل الشخصية ودراسة النفس البشرية وتعقيداتها، قادته تحليلاته وفضوله إلى استكشاف ما يُعرف بالنماذج الشخصية الأصلية أو الـ Archetypes، والتي تسلّط الضوء على أنواع الشخصية وتسهم في فهم وتحليل شخصيات الأفراد المختلفة ودوافعهم وسلوكياتهم.
إن كنت يا عزيزي القارئ مهتمًّا بعلم النفس والصحّة النفسية، وشغوفًا باكتشاف خفايا النفس البشرية، فمرحبًا بك في مقال اليوم حيث نغوص في أعماق عالم يونج ونتعرّف معًا على هذه النماذج التي شكّلت أساسًا مهمًّا للكثير من اختبارات تحليل الشخصية الشهيرة في يومنا هذا ونظريات علم النفس البشري، ونقترب بذلك خطوة من فهم أنفسنا والآخرين من حولنا…لكن بداية…
من هو يونج؟
كان كارل جوستاف يونج (1875 – 1961) طبيبًا ومحلّلاً نفسيًا سويسريًا قدّم إسهامات كبيرة في فهمنا للنفس البشرية. وعلى الرغم من أنّه كان بداية تلميذًا لسيجموند فرويد المعروف بالأب الروحي للتحليل النفسي، إلاّ أنهما افترقا في نهاية المطاف نتيجة خلافات كبيرة في نظريّاتهما.
لقد كرّس يونج حياته لدراسة العقل البشري، ساعيًا من خلال بحوثه إلى فهم العوامل التي تؤثّر على العقل البشري والشخصية البشرية.
مفهوم يونج عن العقل البشري
يمكننا تخيّل نموذج يونج للنفس البشرية كجبل جليدي، حيث يمثّل الجزء العلوي الظاهر من الجبل العقل الواعي، في حين يمثّل الجزء الذي يقبع تحت الماء مباشرة والذي لا يزال ظاهرًا للعيان العقل اللاواعي الشخصي، أمّا الجزء الأكبر الذي يقبع في الأعماق، والمختفي عن الأنظار… هذا الجزء يمثّل اللاوعي الجمعي.
ولكن ما المقصود بالعقل الواعي، اللاوعي الشخصي واللاوعي الجمعي؟!
- العقل الواعي: يشتمل العقل الواعي على كلّ شيء ندركه من حولنا. فهو يتضمّن أفكارنا الحالية، تصوّراتنا، وأفعالنا، وهو ذلك الجزء من الوعي الذي يتمّ فيه التفكير بالمنطق، اتخاذ القرارات والقيام بالأفعال الإرادية.
- اللاوعي الشخصي: يتضمّن اللاوعي الشخصي الذكريات، الأفكار، والتجارب التي مررنا بها وكنّا واعين بحدوثها في وقت ما لكنّنا نسيناها أو تمّ كبتها. بمعنى آخر، يتضمّن اللاوعي الشخصي التجارب الشخصية التي لسنا واعين بها حاليًا ولكن بالإمكان إعادتها إلى الوعي. وهنا… في قلب اللاوعي الشخصي تقبع العقد النفسية والتي ليست سوى أنماط من المشاعر والذكريات والتصوّرات المترابطة مع بعضها البعض ضمن موضوع أو “theme” معيّن.
- اللاوعي الجمعي: لا يتطوّر اللاوعي الجمعي، على عكس اللاوعي الشخصي من التجارب الشخصية. وإنّما هو مخزون مشترك لتجارب جنسنا البشري. بمعنى آخر، هو نوع من الذاكرة العالمية التي نتوارثها من أسلافنا البشر، وهو يتضمّن نماذج شخصية عالمية موحّدة أو ما يعرف في اللغة الإنجليزية بالـ Archetypes. هذه النماذج الشخصية هي عبارة عن رموز وتصوّرات وأفكار عالمية ومشتركة بين مختلف الثقافات والعصور. يؤثّر اللاوعي الجمعي على أفكارنا، مشاعرنا وحتّى تصرّفاتنا وغالبًا ما يكون ذلك بطرق لا ندركها. ليس هذا وحسب، بل قد يؤثّر أيضًا على أحلامنا وأفكارنا الواعية أيضًا.
غالبًا ما تظهر رموز من اللاوعي الجماعي في أحلامنا او تخيّلاتنا وحتى في زلاّت اللسان غير المقصودة، بل ويمكن أن تؤثر أيضًا على معتقداتنا وقيمنا الشخصية.
من الجدير بالذكر أنّ كلّاً من العقل الواعي، اللاوعي الشخصي واللاوعي الجمعي مترابطة معًا، وجميعها تلعبُ دورًا مهمًّا في كيفية اختبارنا للحياة وعيشها.
نماذج يونج الأصلية
لقد اقترح عالم النفس السويسري، كارل يونج نظرية النماذج الشخصية أو الـ Archetypes كنماذج فطرية عالمية للأشخاص والسلوكيات وحتى الشخصّيات، حيث تشكّل هذه النماذج الأساس الذي نستطيع من خلاله اختبار وفهم العالم من حولنا.
هذا وقد عرّف يونج أربعة نماذج شخصية أصلية أساسية هي:
- الذات The self
- الظلّ The shadow
- الأنيما/ أنيموس Anima/ Animus
- الشخصية The persona
فما هي هذه النماذج الأصلية وكيف تنعكس على أرض الواقع في الحياة الواعية؟
1- الذات The self
تمثّل الذات بحسب يونج اتحادًا ما بين الوعي واللاوعي في الفرد. إنّها النموذج الأصلي (Archetype) الذي يربط بين الجانب الروحي والجانب المادّي فينا، ويرمز إلى سعينا الدائم نحو الوحدة والشعور بالكمال، حيث يظهر شعور الكمال في القيادة على سبيل المثال على شكل وعي عميق بالذات، وهي سمة تمكّن القياديين من فهم نقاط قوّتهم وجوانب الضعف لديهم، وقيّمهم الشخصية المتأصّلة في أعماقهم.
2- الظلّ The shadow
ينطوي الظلّ على الجوانب التي نختار قمعها أو إنكارها في أنفسنا كالمخاوف ومشاعر انعدام الأمان، ونقاط الضعف لدينا. وبكلمات أخرى… يمثّل الظلّ الجانب المظلم من شخصّيتنا الذي غالبًا ما نختار تجاهله والتغاضي عنه. إلاّ أنّه وحينما نتعرّف عليه في دواخلنا، وندمجه مع شخصيتنا سنكون أكثر قدرة على تحقيق النموّ الشخصي وأكثر استعدادًا لأن نصبح قادة متعاطفين قادرين على فهم وتقبّل عيوبنا الخاصّة وعيوب الآخرين.
3- الأنيما/الأنيموس The Anima/Animus
تمثّل كلّ من الأنيما (لدى الرجال) والأنيموس (لدى الإناث)، السمات الأنثوية والذكورية في دواخلنا. فكما أنه في داخل كلّ منا النور والظلام، الشرّ والخير، يوجد في داخل كلّ منّا سمات أنثوية وأخرى ذكورية.
تسمّى السمات الأنثوية في داخل الرجل الأنيما، والسمات الذكورية في داخل المرأة، الأنيموس، وهذه السمات هي التي تخلق التوازن في شخصية كلّ من الرجل والمرأة.
على سبيل المثال، المرأة التي يكون لديها خلل في السمات الذكورية قد تعاني من قلّة الثقة بالنفس، وعدم القدرة على اتخاذ القرارات. في حين يظهر الخلل في الأنيما لدى الرجل بصورة رجال يفتقرون إلى التعاطف والرحمة والرقّة في التعامل مع الآخرين.
4- الشخصية The persona
الشخصية هي القناع الذي نرتديه ونخرج به لنقابل العالم من حولنا. بمعنى آخر، هي الشكل الذي نختار أن يرانا عليه الآخرون، وهي تجسّد دورنا الاجتماعي وغالبًا ما تتأرجح بين شخصيتنا الحقيقية وبين البيئة المحيطة بنا. ولكن الشخصية أو الـ Persona قد تكون مضلّلة في بعض الأحيان، حيث يشعر البعض (غالبًا القادة وأصحاب المناصب العليا) بأنهم مضطرّون لإبراز صورة (شخصية، Persona) تتماشى مع توقّعات مجتمعهم، بدلاً من إظهار شخصيتهم الحقيقية.
نماذج الشخصية الـ 12 لدى يونج Character Archetypes
في الوقت الذي تمثّل فيه النماذج الأصلية الأساسية سابقة الذكر الجوانب الداخلية للذات، هنالك 12 نموذجًا أصليًا آخر للشخصية يعكس كلّ منها طرقًا متنوعة قد تتجلّى فيها النماذج الأساسية في سلوكياتنا ومواقفنا.
بمعنى آخر، النماذج الأساسية الأربعة تمثّل الجوانب الداخلية في انفسنا، وهذه الجوانب الداخلية تنعكس في حياتنا بأشكال وطرق مختلفة يمكن تصنيفها إلى 12 نوع شخصيّة.
في الواقع لكلّ منّا إحساس فطري بنوع القصّة التي يودّ ويسعى إلى عيشها في هذه الحياة، وكلّما استطعنا فهم طبيعة هذه الفطرة بشكل أفضل وتقبّلناها، استطعنا الاقتراب خطوة إضافية من عيش الحياة التي نريدها وإعطاء معنى عميق لأنفسنا.
وهنا بالذات تظهر أهميّة تحليل الشخصية وفهم نماذج الشخصية الأربعة الأساسية، والطرق التي تنعكس بها على أرض الواقع.
لنتعرّف بصورة أفضل على نماذج الشخصية الـ 12 التي وضّحها كارل يونج، وحتى نفهمها جيّدًا سنقدّم مثالاً على كيفية انعكاسها على أصحاب الشخصية القيادية.
1- الحاكم The Ruler
يتوق نموذج الشخصية هذا إلى السيطرة، وهو في سعي دائم إلى القيادة إيمانًا منه أنّ الاستقرار والسلطة هما السبيل لضمان الأمان. وأكبر مخاوفه الفوضى والإطاحة به. القياديون الذين يعبّرون عن جوانبهم الداخلية عن طريق نموذج الحاكم غالبًا ما يتمكّنون من تحقيق النجاح والازدهار، إلاّ أنهم قد يتحوّلون أحيانًا إلى حكّام مستبدّين.
2- الفنان/ المبتكِر The Artist/Creator
يتمتّع هذا النموذج بخيال خصب، ويقدّر الأصالة، حيث نجده في سعي دائم إلى ابتكار شيءٍ قيّم ذي معنى وترك أثر يدوم للأجيال المقبلة. أمّا أكبر مخاوفه، فتتجلّى في الرداءة أو صنع شيء تافه عديم المعنى والقيمة.
القياديون الذي يعكسون جوانبهم الشخصية عن طريق هذا النموذج يدعمون الإبداع والابتكار المستمريّن.
3- الحكيم The Sage
يبحث نموذج الحكيم عن الحقيقة وهو في سعي دائم لفهم الكون من حوله بشكل أفضل، إنّه دائم التفكير يحبّ التعمّق في البحث عن الأمور والتأمل، مدفوع على الدوام بالسعي لاكتساب المعرفة والحكمة، وأخشى ما يخشاه هو الخداع والجهل. أمّا القادة الذين يعبّرون عن جوانبهم الشخصية من خلال هذا النموذج، فغالبًا ما يتمّ تقديرهم وتبجيلهم لبصيرتهم وقدراتهم التحليلية.
4- البريء The Innocent
يهدفُ البريء إلى الوصول للسعادة والقيام بالأمور بشكل صحيح. إنّه متفائل وإيجابي وقد تكون إيجابيته وتفاؤله مُعديان حقًا. أكبر مخاوفه ارتكاب الأخطاء أو القيام بأفعال تستوجب العقاب.
القياديون الذين يجسّدون هذا النموذج غالبًا ما يشجّعون على خلق بيئة إيجابية وأخلاقية من حولهم.
5- المكتشف The Explorer
يتميّز هذا النموذج بحبّ عميق للاكتشاف والتوق الدائم للحريّة. ويخشى أنّ يتمّ محاصرته، تقييد حرّيته أو إجباره على الامتثال إلى الأعراف والتقاليد السارية. أمّا القادة الذي يعكسون جوانبهم الشخصية من خلال هذا النموذج، فنجدهم يشجّعون الاكتشاف، ويدعمون الابتكار والنموّ.
6- المتمرّد The Rebel
تتمثّل غاية المتمرّد في تحقيق التغيير الجذري والثورة، حيث نجدهم دومًا واقفين ضدّ الوضع الراهن. إنّهم لا يخشون التغيير أو أن يتمّ سلبهم قوّتهم.
القياديون المتمرّدون يتحدّون الأنظمة والأعراف القديمة، ويعزّزون الابتكار والتغيير من حولهم.
7- البطل The Hero
يتميّز نموذج شخصية البطل بالشجاعة، القوة والكفاءة، وتدفعه رغبته في إثبات قيمته من خلال الأعمال البطولية، بينما تتمثّل أكبر مخاوفه في الضعف أو إظهار جوانب شخصيّته الليّنة. وحينما يكون في دور القائد، فالبطل غالبًا ما يُلهم لاتخاذ خطوات فاعلة نحو التغيير.
8- الساحر The Wizard
يبحث الساحر عن فهم قواعد الكون ويسعى إلى تحويل الأحلام إلى حقيقة. ويخشى العواقب السلبية غير المقصودة. ينعكس نموذج شخصية الساحر في القادة من خلال ما نراه فيهم من تشجيع للتعلّم والفهم والنموّ، وسعيهم الدائم لتحويل الأفكار إلى واقع ملموس.
9- المهرّج The Jester
يعيش المهرّج حياته مدفوعًا برغبته في الاستمتاع باللحظة الراهنة قدر الإمكان. ويخشى على الدوام من الغوص في دوّامة الملل، أو أن يُصيب من حوله بالملل منه. يعزّز القائد المهرّج بناء بيئة عمل إيجابية، ويشجّع من حوله على الابتكار وخلق تصوّرات مختلفة غير مألوفة.
10- اليتيم The Everyman
يبحث اليتيم عن الانتماء والتواصل مع الآخرين، ويقدّر التواضع والبساطة. أمّا أكبر مخاوفه فتتمثّل في التميّز عن الآخرين أو أن يتمّ التخلّي عنه. القادة الذين يعكسون جوانب شخصيتهم الداخلية من خلال نموذج اليتيم غالبًا ما يشجّعون على التماسك والمساواة.
11- العاشق The Lover
كما يعبّر عنه الاسم، يبحث العاشق عن الحميمية، وإنشاء العلاقات مع الأشخاص والأماكن والبيئة المحيطة التي يحبّها. يخشى كثيرًا أن يبقى وحيدًا أو ألاّ يكون محبوبًا. وحينما يكون في منصب قيادي، فهو يشجّع دومًا الانسجام والتناغم، ويعمل جاهدًا لبناء علاقات قويّة عميقة.
12- مانح الرعاية The Caregiver
يتوق مانح الرعاية إلى مساعدة الآخرين وحمايتهم. وتخيفه الأنانية وعدم الامتنان. لذا نجد القادة الذين يعكسون جوانب شخصيتهم من خلال هذا النموذج، داعمين، يشجّعون أتباعهم على النموّ والتطور الدائمين.
لماذا الاهتمام بنماذج الشخصية هذه؟
تعتبر نماذج الشخصية (أو الـ Archetypes) التي حدّدها يونج، مرآة لدواخلنا، حيث تتيح لنا فهمًا وإدراكًا أعمق لذواتنا وبالتالي تواصلاً أكثر أصالة مع الآخرين.
يمكننا تلخيص مدى أهمية هذه النماذج وضرورة فهمها وتحليلها بالنقاط التالية:
الوعي بالذات
يُتيح فهم نماذج الشخصية الأساسية وكذا الصور التي تنعكس بها في الواقع (الأنواع الـ 12 سابقة الذكر)، التعرّف على دوافعنا ومخاوفنا ورغباتنا، ممّا يسهم في تحسين قدراتنا في اتخاذ القرارات، ويعزّز الذكاء العاطفي لدينا.
الأصالة
بعد مرحلة الفهم العميق لنماذج الشخصية، لابدّ من دمجها مع شخصيتنا الواعية الظاهرة للعالم من حولنا. هذا الدمج والالتحام يجعلنا أكثر تفرّدًا وأصالة، ويؤدي إلى بناء الثقة مع الآخر وتعزيز علاقات أعمق وأنجح.
التواصل الفعّال والمؤثّر
عندما نفهم أنفسنا والآخرين، يصبح من السهل علينا فهم احتياجاتهم ومنظورهم وكذلك سلوكياتهم… وهذا بدوره يعزّز التواصل معهم ويبشّر ببناء علاقات ذات معنى. وهذا الأمر بدوره لا يتأتّى من دون فهم النماذج الشخصية الأساسية وتقبّلها ودمجها مع الشخصية الواعية.
تحليل الشخصية: كيف نفهم أنفسنا والآخرين؟
قد تتساءل الآن، بعد أن تعرّفت على أنواع الشخصية، وربّما استطعت الربط بينها وبين سماتك الشخصية التي تمتلكها… قد تتساءل: كيف أحلّل شخصيّتي؟ وكيف أعرف أيّ نماذج الشخصية تعبّر عني؟ بل وكيف أفهم نفسي والآخرين؟
حسنًا… تحليل الشخصية هو خطوتك الأولى للإجابة عن هذه الأسئلة، ولا أعني هنا اختبارات تحليل الشخصية اعتمادًا على تاريخ ميلادك، أو لونك المفضل أو طعامك المفضّل!! فجميعنا نعلم أنّ تلك الاختبارات ما هي إلاّ شكل من أشكال الترفيه والتسلية.
ليس عليك أيضًا الذهاب إلى محلّل نفسي للتعرّف على شخصّيتك، إذ تتوفّر عدد من الاختبارات العلمية المتاحة على شبكة الإنترنت، والتي ستقدّم لك فهمًا وتصوّرًا أفضل لشخصيتك في هذه المرحلة الأولى من رحلتك لاستكشاف ذاتك.
فيما يلي قائمة بأهمّ هذه الاختبارات:
1- اختبار انياجرام Enneagram
يشتمل اختبار انياجرام على تسعة أنواع رئيسية للشخصيات. حيث يمثّل كلّ نوع أو رقم من أرقام الشخصية، منظورًا للعالم ونموذج شخصية يتوافق مع الكيفية التي يفكّر ويشعر بها الأشخاص تجاه العالم المحيط بهم، وتجاه الآخرين وكذا أنفسهم. وعلى الرغم من أنّ هذا الاختبار ليس ترجمة مباشرة لنماذج الشخصية التي حدّدها يونج، إلاّ أنّ المخاوف والدوافع والرغبات التي يمتلكها كلّ نوع من شخصيات انياجرام يمكن مقارنته مع نماذج يونج الإثنتي عشرة.
2- اختبار أنماط الشخصية من ماير بريجز Myers-Briggs Type Indicator
والذي يعرف اختصارًا باختبار الـ MBTI أو اختبار الـ 16 شخصية. هو اختبار تحليل الشخصية متأثر إلى حدّ ما بنظرية كارل يونج حول الأنماط الشخصية، حيث يقسّم شخصية الفرد إلى أربعة ثنائيات أو عناصر أساسية، ينتج عنها 16 نمطَا أو نوعًا للشخصية.
يركّز اختبار ماير بريجز على كيفية عمل الشخصية في العالم (أيّ الكيفية التي ينظر بها الفرد للعالم من حوله والطريقة التي يتخذ بها قراراته). في حين تركّز نماذج الشخصية اليونجية (التي وضعها كارل يونج) على محتوى الشخصيّة (الميول والسلوكيات الفطرية التي يمتلكها الإنسان).
مع ذلك، يقدّم اختبار ماير بريجز فهمًا أعمق لشخصية الفرد، يمكن من خلالها ربط الكيفية التي يتصرّف بها الفرد مع نموذج شخصيته الأصلية الكامنة في داخله.
3- اختبار ديسك DISC
يركّز اختبار ديسك على أربعة سمات شخصية أساسية: الهمينة، التأثير، الثبات والضمير. وكلّ واحدة من هذه السمات تمثّل الطريقة التي يتصرّف بها الفرد أو يتواصل بها مع الآخرين عادة. وبالتالي، يمكن الربط بين نماذج الشخصية من يونج وبين هذه السمات من خلال اعتبار أنّ نماذج الشخصية من يونج هي الدافع وراء السمات الشخصيّة الأربعة الظاهرة.
4- اختبار السمات الخمسة The Big Five
بحسب اختبار السمات الخمسة لتحليل الشخصية، يتمّ تحديد شخصية الفرد بناءً على خمسة أبعاد رئيسية هي: الانفتاح على التجارب، الضمير، الانبساط، الوفاق والعُصابية.
ويُنظر إلى هذه السمات على أنها أطياف متصلة بدلاً من كونها أنواعًا أو فئات متميزة. يمكن النظر إلى النماذج الأصلية اليونجية على أنها تعبر عن مجموعات مختلفة من هذه السمات، مع ميل بعض النماذج الأصلية نحو نهايات محددة من الطيف.
نستنتج ممّا سبق أنّ النفس البشرية أعمق بكثير من مجرّد صفات وسلوكيات ظاهرة، بل هي في الواقع ذات أبعاد متعدّدة، ومركّبة من عناصر مختلفة تتفاعل وتترابط مع بعضها بطرق معقدّة، لينجم عنها شخصيات متنوعة ومتفرّدة…
نعم، فمهما كان التشابه كبيرًا، يبقى كلّ إنسان على هذه البسيطة متفرّدًا بصفاته وسماته وعالمه الداخلي الواسع الذي لا يمكن لأحد سبرُ أغواره كاملة سوى هذا الفرد نفسه وخالقه!
وهنا أدعوك عزيزي القارئ لأن تأخذ وقتك، وتستغل لحظات الهدوء والسكينة التي قد تحظى بها في أيامك دا الانشغال… أن تستغلّ هذه اللحظات لتتفكّر أكثر في تفاصيلك الداخلية، وتستعين بنماذج يونج الـ 12 لتحاول فهم الكون في داخلك بصورة أفضل، فتلك هي السبيل الوحيدة لتطلق العنان لطاقاتك الكامنة، وتحقّق رسالتك السامية في هذا الكون… ألا وهي خلافة الأرض وعمارتها.