نملك جميعًا ما يُعرف بالطفل الداخلي، لكن قد تختلف نظرتنا إليه من شخص لآخر.
المحتويات
- ما هي أسباب جرح الطفل الداخلي أو الـ Childhood Trauma؟
- علاج الطفل الداخلي
- 1- اعترف بوجود الطفل في داخلك
- 2- استمع لما يقولك لك الطفل الداخلي
- 3- اُكتب رسالة إلى الطفل في داخلك
- 4- تمارين التأمل لعلاج الطفل الداخلي
- 5- كتابة مذكّراتك من وجهة نظر الطفل الداخلي
- 6- أعِد إحياء ملذّات وأفراح الطفولة
- 7- أبقِ الباب مفتوحًا
- 8- تحدّث إلى معالج نفسي
قد ترى الطفل الداخلي كتمثيل مباشر لسنوات طفولتك المبكرة، أو خليط من مراحل النموّ المتعددة التي مررت بها، كما قد يكون رمزًا لأحلام الشباب والمرح.
يمكن للوعي بالطفل في داخلك أن يساعدك على العودة بذاكرتك إلى أوقات أكثر إشراقًا وارتياحًا من ماضيك. حيث تشرح الباحثة في علم النفس، الدكتورة ديانا راب قائلة في هذا الشأن: “البقاء على اتصال مع ملذّات وأفراح الطفل قد يكون طريقة رائعة للتعامل مع تحدّيات الحاضر، ومصاعب الحياة التي تواجهك في الوقت الحالّي.”
لكن… لم يحظَ الجميع بطفولة سعيدة، وقد لا يكون في وسع الكلّ أن يربط أيّام الطفولة بالمرح والبراءة والمتعة. في حال كنت قد مررت بصدمة نفسية، هجر، أو أيّ نوع من الألم العاطفي خلال الطفولة، سيكون طفلك الداخي ضعيفًا، هشًّا وبحاجة للحماية، وللشفاء والتعافي أيضًا.
لربّما دفنت هذا الألم عميقًا في داخلك لتخفيه وتحمي نفسك، نفسك الحالية في الحاضر، وكذلك الطفل الذي كنته قبل سنوات.
وعلى الرغم من أنّ دفن الألم قد يبدو حلاًّ ناجعًا، لكنه لن يشفيك، وغالبًا ما يعاود ألم الماضي الظهور ويتجّلى في حياتك كشخص بالغ، هذه المرة بصورة أقوى، فيسبّب لك الفوضى في علاقاتك الشخصية، في التعامل مع نفسك وتلبية احتياجاتك وغيرها الكثير.
وهنا تظهر الحاجة إلى التعافي وشفاء الطفل الداخلي لتتمكّن من عيش حياة أكثر سلامًا وتناغمًا.
تعرّف على مفهوم الطفل الداخلي بصورة أفضل، وقدّم اختبار الطفل الداخلي المتاح الآن عبر هذا الرابط.
ما هي أسباب جرح الطفل الداخلي أو الـ Childhood Trauma؟
قد تكون أسباب جرح الطفل الداخلي واحدة ممّا يلي:
- وفاة أحد الوالدين أو شخص عزيز مقرّب من الطفل.
- انفصال الوالدين.
- العنف الأسري المباشر مع الطفل.
- الصراخ والتوتر الدائم بين الوالدين.
- إصابة أحد الوالدين بمرض خطير جسدي أو نفسي.
- التعرّض للحوادث الخطيرة.
- التعرض للاختطاف أو الاستغلال الجنسي.
عندنا نرى كلمة Trauma، قد يخطر ببال البعض أن جرح الطفل الداخلي ينجم عن الأحداث المؤلمة والصدمات النفسية المحزنة كتلك المذكورة سابقًا.
أجل هذا صحيح، مثل هذه الأحداث تتسبّب بصدمة للطفل، وتتحوّل هذه الصدمة إن لم تُعالج إلى جرح طفل داخلي يبقى موجودًا حتى مراحل الشباب وسنّ الرشد. لكنّ صدمات الطفولة قد تكون أمورًا أبسط من ذلك أيضًا، أمورًا قد يراها البعض اعتيادية، وربّما مرّ بها كثيرون منّا خلال طفولتهم، وتركت فينا آثارها دون أن ندرك ذلك، نذكر منها:
- تجاهل الطفل وعدم الاستماع إلى رغباته واحتياجاته.
- الرحيل والانتقال إلى مكان جديد بشكل مفاجئ.
- تحميل الطفل مسؤوليات أكبر منه (كمسؤولية الاعتناء بإخوته الأصغر منه).
- المقارنة الدائمة بين الطفل وأقرانه.
- الاستخفاف بمشاعر الطفل والتقليل منها.
علاج الطفل الداخلي
إن كنت تشعر بأنّ حياتك في الحاضر صعبة، إن كنت تعاني من تدني تقدير الذات، أو تجد صعوبة في التعبير عن مشاعرك، فمن المحتمل أنّك لا تزال تحمل بعضًا من جراح الطفولة، ومن المهمّ أن تبدأ بالعمل للتعرف عليها ومعالجتها.
شفاء الطفل الداخلي ليس بالأمر السهل، إنّها رحلة صعبة من التعافي ومن مواجهة الكثير من آلام الماضي، لكنها رحلة تستحق أن تخوضها، وأن تكون صبورًا ومثابرًا خلالها لتصل إلى نهاية الدرب وتتحرّر من آلام الماضي وتبعاته على حاضرك.
فيما يلي 8 خطوات أساسية ومهمة يمكنك البدء بها لعلاج الطفل بداخلك:
1- اعترف بوجود الطفل في داخلك
دائمًا وأبدًا، الخطوة الأولى لحلّ أيّ مشكلة هي بالاعتراف بوجودها، وأوّل خطوة من أجل شفاء الطفل الداخلي هي من خلال الاعتراف بوجوده وتقبّله.
تقول كيم إيجيل Kim Egel، معالجة نفسية في كارديف بكاليفورنيا: “يمكن لأي شخصٍ أن يتواصل مع الطفل في داخله، إن هو رغب في استكشاف هذه العلاقة. إن كنت متشكّكًا أو قاومت فكرة استكشاف ماضيك، ستجد صعوبة هائلة في البدء برحلة التعافي.”
قد يبدو لك الأمر غريبًا وغير منطقي… قد تتساءل: كيف أتواصل مع الطفل في داخلي؟
حسنًا فكّر في الأمر على أنه عملية لاستكشاف ذاتك والتعرّف عليها… ابدأ بالتفكير في بعض المواقف المؤثرة والمهمّة في ماضيك. أكتب على ورقة أهمّ التجارب التي مررت بها في طفولتك.
ستجد أنّ بعض تلك المواقف كانت إيجابية، والبعض الآخر منها تسبّب لك في الألم والحزن، ولعلّك لا تزال تحمل بعضًا من ذلك الألم إلى يومنا هذا.
تتمثّل عملية الاعتراف بالطفل الداخلي، في التعرّف على هذه المواقف، وتقبُّل فكرة أنها قد سببت لك ألمًا في الطفولة، ألمٌ كان حقيقيًا ومشروعًا، حتى لو أنكره البعض في حينها، وأخبروك أنّه لا يجدر بك أنّ تشعر على ذلك النحو.
استعادة هذه الذكريات، فهم المشاعر التي اختبرتها في ذلك الوقت، سيسهم بشكل كبير في التعرّف على أثرها في الوقت الحاضر.
قد يعجبك أيضًا: هل سبق لك أن شعرت بالحنين لماضي لم تعشه؟
2- استمع لما يقولك لك الطفل الداخلي
بعد أن فتحت الباب لبناء اتصال مع الطفل في داخلك، حان الوقت لتستمع إلى ما يقوله لك. وبكلمات أدقّ، حان الوقت لتستمع إلى المشاعر التي يودّ إيصالها إليك.
كيف تظهر هذه المشاعر؟
تقول كيم إيجيل: “تتجلّى هذه المشاعر في صورة مواقف تثير في نفسك مشاعر قوّية من عدم الارتياح أو الألم.”
أثناء استعادة لحظات الطفولة، والمواقف التي مررت بها، قد تلاحظ شعورك بواحد أو أكثر ممّا يلي:
- الغضب لعدم تلبية احتياجاتك.
- الإهمال، الهجر أو الرفض.
- عدم الامان.
- الضعف والهشاشة.
- الذنب أو العار.
- القلق.
الآن قارن أحاسيسك ومشاعرك هذه، بما تشعر به في مواقف مشابهة قد مررت بها في الوقت الحاضر كشخص بالغ راشد.
إليك مثالاً يوضّح هذا الأمر:
انشغل شريك حياتك عنك فجأة بالعمل، واعتذر عن الخروج معك لتناول العشاء الذي خطّطت له وكنت تنتظره بفارغ الصبر. وفي الوقت الذي تعلم فيه جيدًا أنّ هذا الأخير يفضّل بالطبع قضاء وقته معك، ستجد أنّك تشعر بالرفض والإحباط والخيبة. وتتجلّى خيبتك هذه في ردّ فعل طفولي، لتذهب إلى غرفتك وتغلق الباب على نفسك بقوّة.
الآن، حينما تسترجع تجارب طفولتك، وتتمعّن في المشاعر التي كانت تنتابك، ستجد أنّ موقف شريك حياتك أحدث في نفسك ذات المشاعر التي شعرت بها حينما كان والداك يلغيان مخططاتهما معك، ويؤجلان نزهاتكم بل وربما ينسيان يوم ميلادك بسبب انشغالهما بالعمل.
وهنا ستفهم أن تصرّفك على هذا النحو ليس سببه أنّك شخص “درامي” أو “حسّاس” أو “أناني” أو غيرها، وإنّما هو بسبب جرح الطفل الداخلي الذي لم يُشفى ولم يتعافى.
من خلال الاستماع لمشاعر الطفل في داخلك، والسماح لنفسك بعيش هذه المشاعر بدلاً من إبعادها وكبتها، ستتمكّن من فهم نفسك بصورة أفضل، وبالتالي اتباع خطوات صحيحة وصحيّة لعلاج هذه المشاعر.
3- اُكتب رسالة إلى الطفل في داخلك
طريقة أخرى فعّالة من طرق علاج الطفل الداخلي تتمثّل في كتابة رسالة إلى الطفل بداخلك، تتحدّث فيها عن ذكريات طفولتك من وجهة نظرك كشخص بالغ، وتقدّم فيها بعض النصائح والتفسيرات والتبريرات للظروف التي لم تكن قادرًا على فهمها آنذاك.
على سبيل المثال، ربما لم تفهم في يوم من الأيّام لماذا كان أخوك الأكبر يصرخ في وجهك ويحطّم ألعابك، لكنك تذكر أنّك كنت دائمًا خائفًا منه. وبعد مرور عدّة سنوات، اكتشفت حينما كبرت أنّه كان يتعرّض للتنمر والعنف في المدرسة، وانعكس ذلك على تعامله معك وبرّر سبب تصرّفه على ذلك النحو.
كتابة هذا الأمر في رسالة تخاطب فيها الطفل في داخلك، وشرح هذه الأسباب، سيخفف كثيرًا من الألم العالق والمرتبط بتلك اللحظات.
قد تقول لنفسك: “وما الفائدة؟ لقد عرفت السبب وهذا يكفي!”
أقول لك: كلّا، ذلك لا يكفي…
صحيح أنّك تعرف السبب الآن، ولكن… الطفل في داخلك وإن كان جزءًا منك، فهو كيان مستقّل إلى حدّ ما… والدليل أنّك لو استرجعت ذكرى تلك اللحظات من طفولتك، ستشعر على الأرجح بالألم والضيق، على الرغم من أنّك تفهم الآن السبب وراء ما حصل.
عندما تكتب هذه الكلمات، وتخاطب بها الطفل الذي كنته، والذي عاش التجربة… حينما تطمئنه، وتشرح له أنّ الخطأ لم يكن خطأه وأنّه لم يرتكب أيّ فعل يستحقّ أن يتلقى تلك المعاملة بسببه، سيختلف الأمر، وستخفّ حدّة المشاعر السلبية التي تحسّ بها، وتلك أولى خطوات شفاء الطفل الداخلي.
يمكنك أيضًا أن تطرح الأسئلة التالية على الطفل الداخلي:
- كيف تشعر؟
- كيف يمكنني أن أدعمك؟
- مالذي تريد مني أن أفعله؟
طرح هذه الأسئلة، سيقودك في الغالب إلى العثور على الإجابات المناسبة. قد يستغرق الأمر بعض الوقت، لكنك ستسمع الجواب يأتيك من أعماق نفسك، من الطفل في داخلك، وستعرف حينها ما الخطوة التالية التي يتعيّن عليك القيام بها لشفائه.
اقرأ أيضًا: أفكار دافئة للتغلب على اكتئاب الشتاء
4- تمارين التأمل لعلاج الطفل الداخلي
يعتبر التأمل خطوة مكمّلة لما سبقها، فتلك الأسئلة التي طرحتها، ستتجلّى إجاباتها إن منحت نفسك بعض الوقت للتأمل وفتحت المجال أمامها للظهور إلى السطح.
ممّا لا شكّ فيه أنّ للتأمل العديد من الفوائد الصحية للنفس والجسد، ولكن بعض هذه الفوائد يرتبط ارتباطًا وثيقًا ومباشرًا بعملية شفاء الطفل الداخلي.
بداية، تساعد تمارين التأمل على تعزيز الوعي بالذات، وتعلّمك الانتباه أكثر للمشاعر التي تنتابك في حياتك اليومية. الوعي بمشاعرك يساعدك بدوره على ملاحظة المواقف التي تتسبّب في إحساسك بمشاعر سلبية، وتؤدي إلى قيامك بردود فعل غير صحيّة.
ليس هذا وحسب، فالتأمل يجعلك أكثر ارتياحًا مع المشاعر غير المرغوبة.
الأطفال عادة يواجهون صعوبة في تسمية المشاعر غير المريحة، خاصّة عندما لا يتمّ تعوديهم على التعبير عن أنفسهم. فنجدهم يخفون ويكبتون مشاعرهم خوفًا من العقاب، أو رغبة في الحصول على المديح من أولياء أمورهم.
لكن المشاعر خُلقت ليُعبَّر عنها سواءً كانت سلبية أو إيجابية. وكبتها يؤدي عادة إلى تراكمها ثمّ انفجارها في صورة غير صحيّة ومؤذية.
وهنا يأتي دور ممارسة التأمل بانتظام، حيث يدرّبك على الاعتراف بمشاعرك، وفهمها وتقبّلها، ممّا يسهّل عليك فيما بعد التعبير عنها بطرق صحيّة إيجابية، وهذا بدوره يرسل إشارة إلى الطفل في داخلك إلى أنّه من الطبيعي الإحساس بالمشاعر والتعبير عنها بحريّة.
5- كتابة مذكّراتك من وجهة نظر الطفل الداخلي
يجد الكثيرون في كتابة المذكّرات طريقة رائعة لترتيب الأفكار والتعامل مع المشاعر والتحدّيات والتجارب الصعبة. وإن كنت ممّن يحتفظون بدفتر مذكّرات خاص، فأنت تعلم تمامًا فائدة هذه الطريقة.
وكما يساعدك تدوين المذكرّات في التعرّف على الخلل في حياتك الحاضرة كشخص بالغ، يمكن أيضًا أن يساعدك في التعرّف على أنماط السلوك غير الصحية التي رافقتك من الطفولة وبالتالي علاج الطفل الداخلي.
لتقوم بهذا التمرين، ضع نفسك وشخصيتك الحالية جانبًا، وركّز على نفسك عندما كنت طفلاً صغيرًا. يمكن أن تساعدك صور الطفولة وبعض التركيز على ذكريات الطفولة في استرجاع الأحاسيس والمشاعر التي انتابتك خلال مرحلة معيّنة من طفولتك تودّ استكشافها بصورة أعمق.
وبمجرّد أن تجد نفسك قد بنيت شكلاً من الصلة بينك وبين الطفل في داخلك، ابدأ بكتابة الأفكار والذكريات التي تراودك، وتدوين المشاعر التي ترافقت مع هذه الذكريات. لا تفكّر كثيرًا فيما تكتبه، فقط دع الأفكار تنساب على ورقتك كما هي، بعفوية وبساطة الطفل الداخلي.
التعبير عن هذه المشاعر والذكريات، سيساعدك بشكل كبير في الوصول إلى قلب الألم في طفلك الداخلي، والتعرّف على أيّة جراح لا يزال هذا الطفل يحملها معه إلى يومنا الحاضر.
تشعر بأنك لا تستحقّ الحب؟ تعرّف على سبب هذه المشاعر وكيفية التغلب عليها من خلال قراءة المقال كاملاً على أفكار دافئة.
6- أعِد إحياء ملذّات وأفراح الطفولة
حسنًا، كفانا تركيزًا على الجوانب المؤلمة من الطفولة، ولنجرّب بعض الطرق الأكثر مرحًا ومتعة!
التقدّم في السنّ، والوصول إلى مرحلة الشباب والرشد يترافق مع الكثير من المسؤوليات، لكن دعنا لا ننسى أهميّة المرح والتسلية في الحفاظ على صحّتنا النفسية والذهنية.
إن لم تكن طفولتك زاخرة بلحظات السعادة والمرح، يمكنك أن تعاود التواصل مع الجانب الطفولي فيك، ومنحه بعض التجارب التي حُرم منها صغيرًا.
القيام بذلك سيسهم بشكل كبير في التخفيف من جراح الماضي، وتعويض الطفل في داخلك عمّا فقده.
استمتع بالملذّات الصغيرة كتناول الآيسكريم بعد جولة في الطبيعة، ممارسة ألعاب الفيديو، أو أيّ نوع من الألعاب الأخرى مع شريك حياتك أو أطفالك، الضحك مع الأصدقاء، أو زيارة مدينة الملاهي، فجميعها ستحيي في داخلك مشاعر ربمّا حُرمت منها في طفولتك، وحان الوقت لتعوّض الطفل في داخلك عنها.
وحتى تحقّق أعظم فائدة من هذا الأمر، احرص على اختيار الأشخاص المناسبين ليشاركوك هذه الأنشطة. فلا فائدة من القيام بها مع شخص قد يوبّخك لأنك تتصرّف كالأطفال، أو يشعر بالحرج لرؤيتك تستمتع بوقتك كما لو أنّك طفل صغير.
بدلاً من ذلك، اختر أشخاصًا سيستمتعون مثلك بالقيام بهذه الأنشطة، ولا مشكلة لديهم في إظهار الجانب الطفولي منهم.
7- أبقِ الباب مفتوحًا
التشافي قد لا ينطوي دائمًا على نهاية محدّدة. هو في كثير من الأحيان رحلة مستمرة لا نهاية لها.
بدأت رحلة علاج الطفل الداخلي، تواصلت مع هذا الطفل في داخلك، واستكشفت آلامه ومشاعره المكبوتة… والآن يمكنك تعزيز هذا الوعي الجديد، والاستمرار في الاستماع لما يقوله لك على الدوام.
عندما تتشافى من آلام الماضي، ذلك لا يعني أنّ الطفل في داخلك سيتلاشى… كلاّ، في الواقع، ما سيحدثُ هو أنّ هذا الطفل سيصبح كيانًا أكثر سعادة واستقرارًا في أعماقك. وسينعكس ذلك على شخصيّتك الحالية، فتصبح أكثر عفوية ومرحًا، وستنظر إلى الحياة بمنظور فضولي يمنحك الرغبة في الاستكشاف وتحقيق المزيد في حياتك.
لن تصبح الحياة بالنسبة لك مملة أو باهتة، لأن جزءًا منك سيكون منفتحًا على اكتشاف كلّ ما هو جديد، تمامًا كالطفل الصغير كثير الأسئلة الذي يرى كلّ شيء من حوله أمرًا مثيرًا للدهشة والعجب.
8- تحدّث إلى معالج نفسي
تتسبّب صدمات الماضي في الكثير من الارتباك في مشاعرك وهو ما قد ينعكس على حياتك اليومية وعلاقاتك مع الآخرين.
وهنا يأتي دور المعالجين النفسيين في خلق مساحة آمنة للتعرّف على مشاعرك وتعلّم استراتيجيات فعّالة من أجل علاج الطفل الداخلي. حيث يدرك المعالجون النفسيون كيف تؤثّر صدمات وجراح الطفولة في الماضي على حياتك وعلاقاتك وصحّتك النفسية بشكل عام.
في حال جرّبت كلّ الخطوات المذكورة في هذا المقال، ووجدت نفسك لا تزال غير قادر على علاج الطفل الداخلي في أعماقك، يمكنك اللجوء في هذه الحالة إلى جلسات العلاج النفسي المتخصصة.
وهنا ننصحك بالبحث جيدًا عن معالج نفسي متخصص في صدمات الطفولة أو ما يُعرف بالـ Childhood Traumas. حيث يركّز المعالجون عادة على الحاضر أكثر من أحداث الماضي، وذلك نوع آخر من العلاج النفسي. لكنه لن يكون مفيدًا في شفاء الطفل الداخلي.
اعرف المزيد عن مقوّمات الصحة النفسية والرفاه العاطفي.
عندما لا يتمّ تلبية احتياجات الطفل من الحب والمدح والتقدير وأنواع الدعم العاطفي الأخرى، يتسبّب ذلك في خلق ما يُعرف بجراح الطفولة أو الـ Childhood Traumas. وهي جراح وصدمات تستمر حتى عندما يكبر هذا الطفل ويصبح إنسانًا راشدًا. لكنّها في ذلك الوقت، ستتحوّل إلى عقبات تحول بين هذا الشخص وبين عيش حياة متناغمة وبناء علاقات صحيّة مع الآخرين.
لم يفت الأوان بعد للتعافي، فمن خلال تعلّم كيفية التواصل مع الطفل في داخلك، وتلبية احتياجاته التي لم يحصل عليها في الماضي، واكتشاف طرق التعبير عن المشاعر والأحاسيس بشكل صحيح يمكنك علاج الطفل الداخلي، والوصول إلى مرحلة أكثر استقرارًا وسعادة في حياتك.