الانفصال عن العالم الخارجي، ذلك الشعور بالوحدة الذي ينتابنا فنُحسّ بأننا لا ننتمي لهذا العالم، ولا تهمّنا أحداثه. وتلك الأحاسيس بأنّ أرواحنا منطفئة ليس فيها شغف أو حبّ للحياة.
المحتويات
- كيف أتغلب على الوحدة؟
- 1- تواصل واطلب العون
- ماذا لو لم أستطع فعل ذلك؟
- 2- استمع لجسدك
- 3- ضع الأجهزة الإلكترونية بعيدًا
- 4- التوكيدات الإيجابية والتفكير الإيجابي
- 5- أحط نفسك بالأشخاص الإيجابيين
- 6- ابتسم فالابتسامة تجلب الفرح
- 7- تخلص من العلاقات السامة
- 8- ممارسة الرياضة
- 9- اقض بعض الوقت بين أحضان الطبيعة
- 10- قلل الشعور بالوحدة واحصل على حيوان أليف
- 11- تحكّم في مستويات التوتر لديك
- 12- تدرب على الوعي الذاتي Mindfulness
- 13- اجعل بيئتك مشرقة أكثر
- 14- احصل على قسط كاف من النوم الجيد
- كلمة أخيرة
تتعدّد أسباب الشعور بالعزلة والانفصال عن العالم الخارجي، فمنها ما هو مرضي نتيجة اضطرابات نفسية، ومنها ما يكون نتيجة لنمط حياة معيّن أو ظروف محيطة محدّدة.
إن كنت ترغب في علاج العزلة التي تعاني منها وترغب في معاودة الاتصال بالعالم الخارجي من حولك، فقد أتيت إلى المكان الصحيح!
كيف أتغلب على الوحدة؟
جمعنا لك فيما يلي 14 طريقة تساعدك في التغلب على شعور الوحدة واستعادة شغفك وحبك للحياة من جديد.
بداية لا ننصحك بمحاول تنفيذ جميع هذه الخطوات مرّة واحدة، لأنّ ذلك سيستغرق منك وقتًا طويلاً. بدلاً من ذلك تعرّف على أسباب شعورك بالانفصال عن العالم الخارجي من حولك، واختر بعدها الحلول المناسبة التي تعالج السبب.
1- تواصل واطلب العون
قد تبدو هذه الخطوة جرئية للغاية وصعبة جدًّا، خاصّة عندما تكون غارقًا في وحدتك. لكن عليك في بعض الأحيان أن تكون هشًّا.
بمعنى آخر، ألا تمانع إظهار جوانب ضعفك ونقصك، ولا نعني هنا أن تظهرها للعالم أجمع…
كلاّ، القصد هو أن تتواصل مع شخص مقرّب، صديق، فرد من العائلة أو حتى أخصائي نفسي، وتفتح له قلبك وتخبره بما يضايقك.
جرّب التحدّث إلى صديق أو قريب تثق به، وتعلم أنّه سيدعمُك. وفي حال لم تشعر بالارتياح، جرّب مع شخص آخر.
ماذا لو لم أستطع فعل ذلك؟
إن وجدت صعوبة في التواصل مع الأصدقاء والأقرباء، فلا تتردّد في البحث عن مختصّين في العلاج النفسي لمساعدتك. أحيانًا قد يكون من الأسهل أن نخبر الغرباء بمشاعرنا، ولا عيب إطلاقًا في طلب العون من المختصين، أو الحصول على استشارات نفسية.
2- استمع لجسدك
تُرسل لنا أجسادنا رسائل في كلّ وقت وحين. فأنت تعلم تمامًا متى تكون جائعًا أو متعبًا، أو مريضًا ومتى تكون لديك الرغبة في التواصل مع الغير أو الانعزال عنهم.
وعلى الرغم ممّا يبدو عليه الأمر من أنّ الاستماع لأجسادنا أمرٌ بديهي، فهو ليس سهلاً على الدوام، خاصّة وأننا نعيش في مجتمع يعطي الأولوية دائمًا للإنتاجية، ويقدّمها على رغباتنا واحتياجاتنا.
فكّر في الأمر لبعض الوقت، ألم تضطرّ في بعض الأحيان لتأجيل تناول الطعام من أجل إنهاء مهمّة معيّنة في العمل؟
أو ربّما حرمت نفسك من النوم لتُنهي دراسة ذلك الامتحان المهمّ في الغد؟!
احرص على تجنّب القيام بهذا الأمر، استمع لما يقوله لك جسدك واصغِ لتلك الإشارات شبه الخفية التي يرسلها لك.
حينما يُخبرك جسدك وعقلك أيضًا أنّك بحاجة إلى أخذ وقت مستقطع، فاستمع له…خذ لنفسك بعض الوقت بعيدًا عمّا يُرهقك ويُتعبك، ابتعد عمّا يزعجك لتتمكّن بعدها من التعافي واستعادة طاقتك. وبالتالي علاج شعور الوحدة الذي ينتابك.
3- ضع الأجهزة الإلكترونية بعيدًا
قاوم رغبتك في تفقّد هاتفك الذكي حينما لا يستدعي الأمر ذلك. ضع أجهزتك الإلكترونية من هواتف وحواسيب بعيدًا حيث لا يمكنك الوصول إليها بسهولة واستخدامها.
بمعنى آخر، تحكّم في جميع المحفّزات التي تمنحك تلك الجرعات الضئيلة من الدوبامين والتي غالبًا ما تتسبّب في شعورك بالانفصال عن العالم الخارجي.
يمكنك أيضًا إزالة بعض برامج التواصل الاجتماعي التي تشعر بأنها تؤثر سلبًاعلى هدوئك واستقرارك النفسي. في نهاية المطاف، يوجد طرق أخرى عديدة للبقاء على اتصال مع العالم من حولك.
من المهمّ أيضًا أن تتجنّب استخدام الأجهزة الإلكترونية قبل الخلود إلى النوم. فقد أصبح من المعروف الآن أنّ الإضاءة الناجمة عنها والتي تُعرف بالإضاءة الزرقاء، تقلّل من إفراز هرمون الميلاتونين وبالتالي جعلنا أكثر يقظة ممّا يعني عدم الحصول على نوم جيّد.
4- التوكيدات الإيجابية والتفكير الإيجابي
العمل على تغيير أنماط التفكير السلبي واستبدالها بأفكار إيجابية يُسهم بشكل كبير في إشعارنا بالسعادة، والتفاؤل، ويجعلنا أقلّ عرضة للتشاؤم والأفكار السلبية. أمّا عملية الانتقال من حالة التفكير السلبي إلى نمط تفكير إيجابي فتُسمّى “إعادة الصياغة الإيجابية” أو الـ “Positive Reframing”.
تحدّى نفسك للتفكير بأنّ هنالك دومًا منظور آخر للأمور من حولنا، وفي كلّ مرة تداهمك الأفكار السلبية، احرص على تغيير منحناها قبل أن تتعمّق فيك أكثر.
لا أقول هنا أن توقفها وتقمعها، فذلك سيؤدي إلى الإيجابية السامة والتفاؤل المزيّف، بل ما أقصده هو أن تحاول التفكير في جانب أقلّ سوءًا.
بمعنى آخر، إن كنت تشعر بالحزن الشديد، حاول على الأقل أن تصل بمشاعرك إلى مستوى حزن أقل، ومن هناك انتقل إلى حالة أفضل بقليل…
الوصول إلى الإيجابية الحقيقية لا يعني القفز مرّة واحدة من قاع الإحباط إلى قمّة السعادة، بل السير تدريجيًا وبتمهّل حتى الوصول إلى مشاعر الرضا والفرح.
أمرٌ آخر سيساعدك على تغيير أنماط تفكيرك، ألا وهو التوكيدات الإيجابية. اختر لنفسك مجموعة من العبارات والجمل الإيجابية لتحفيز نفسك، واستخدمها باستمرار.
ضعها دومًا في مكان يمكنك رؤيته، أو سجّلها واستمع إليها أثناء النوم. كما يمكنك أيضًا تصفّح العديد من الفيديوهات على يوتيوب حول التوكيدات الإيجابية في مجالات مختلفة من تطوير الذات، التحفيز، الصحة وغير ذلك.
5- أحط نفسك بالأشخاص الإيجابيين
يُقال: “إن دخلك يساوي معدّل دخل الأشخاص الأربعة الذين تقضي معظم وقتك معهم!”
والأمر ذاته ينطبق على شخصيّتك وتفكيرك وحالتك النفسية… فأنت نتاج محيطك من الأشخاص. بمعنى آخر، إن كانت علاقاتك كلّها مع أشخاص سلبيين لا ينفكّون يتحدّثون عن كلّ ما هو سيء، ولا يرون في الحياة ما يُفرح، فسوف تكون أنت أيضًا مثلهم، وإن كنت شخصًا إيجابيا، ستفقد مع مرور الوقت هذه المشاعر لتسيطر عليك مشاعر الحزن والقلق والعزلة أيضًا.
حاول قدر المستطاع أن توسّع دائرة معارفك من الأشخاص المتفائلين الذين يملكون نظرة مشرقة للحياة. شيئًا فشيئًا ستنتقل إليك طاقتهم، وستجد نفسك قد أصبحت أكثر سعادة ورغبة في التواصل مع العالم من جديد.
6- ابتسم فالابتسامة تجلب الفرح
هل تعلم أن حركة عضلات الوجه تؤثر مباشرة على مناطق معيّنة في الدماغ وتحفّز إفراز الهرمونات المرتبطة بتلك المشاعر؟
في الواقع إن اصطناع الابتسامة يؤدّي إلى إفراز نفس الهرمونات التي يتمّ إفرازها عن الابتسام حقًا، بالتالي الشعور بالمزيد من السعادة والفرح.
ليس عليك تزييف الفرح والتظاهر بالسعادة حينما تكون متضايقًا، لكن على الأقل، عوّد نفسك دومًا على أن تبتسم للآخرين خلال يومك…
حينما تذهب للتسوق، أو عند التعامل مع عامل البنك أو شخص يجلس إلى جانبك في الباص…حينما تطلب خدمة من زميل لك في العمل أو عندما يقدّم لك أحدهم خدمة ما… ابتسم دومًا في مثل هذه المواقف حتى لو كنت متضايقًا.
بداية سيجعلك ذلك تبدو شخصًا ألطف، ويُظهر مدى نُضجك لأنّك لا تجعل أحزانك تؤثر على تعاملك مع الغير، وأخيرًا سيُسهم ذلك في إشعارك حقًا بحال أفضل.
7- تخلص من العلاقات السامة
حينما تكون في علاقات خاطئة، فإنّ الشعور بالوحدة سيكون نتيجة حتمية ولن يمرّ وقت كثير حتى تجد نفسك غارقًا في دوامة الأفكار والمشاعر السلبية وشيئً فشيئًا سينتهي بك الأمر منعزلاً ومنفصلا عن العالم من حولك.
اختر علاقاتك بذكاء، وابنِ علاقات صحيّة مع الغير، سواءً كانت هذه العلاقات صداقة أو حبّ أو عمل أو غيرها.
تذكّر دومًا أنّك مهمّ، احتياجاتك ورغباتك مهمّة ولك كامل الحقّ في التعبير عنها، استثمر في الغير بقدر ما يستثمرون فيك وإيّاك أن تستمر في العطاء لشخص أو وظيفة أو أمر لا يمنحك بقدر ما تمنحه، فهذا هو تعريف العلاقات السامة.
إنّها علاقات تمتصّ طاقتك، تأخذ منك كلّ شعور بالشغف والحماس، وتتركك وحيدًا فارغًا منطفئ الروح.
احرص على تجنّبها منذ البداية، فكلّما طال بقاؤك فيها كان التخلّص منها أصعب والضرر الناجم عنها أكبر.
8- ممارسة الرياضة
غالبًا ما ترتبط الصحّة الجيدة والذهن السليم بالجسم السليم، فلا داعي للغوص كثيرًا في هذا الموضوع أو الإسهاب في الحديث عن فوائد ممارسة الرياضة بانتظام.
ليس عليك التسجيل في نادٍ رياضي أو أن تكون بطلاً في رياضيًا، احرص فقط على تحريك جسدك لساعة تقريبًا يوميًا.
اذهب في نزهة إلى الخارج، شغّل أغانيك المفضّلة وارقص قليلاً (حتى وإن لم تكن محترفًا)، أخرِج كلّ تلك الطاقة السلبية من جسدك ولاحظ عودة رغبتك في التواصل من جديد تدريجيًا!
9- اقض بعض الوقت بين أحضان الطبيعة
قضاء ساعتين أسبوعيًا في أحضان الطبيعة قادر على إحداث العجائب في حياتك!
تشعر بالوحدة والانعزال عن العالم؟
إذن اذهب في نزهة إلى حديقة مجاورة، أو في رحلة إلى الجبال أو الغابة أو البحر… تأمّل السماء الممتدة فوقك، واستنشق رائحة الهواء النقي بعيدًا عن دخان السيارات وضجيج المدن.
نقّي روحك من الملل وامنح الفرصة لذلك الشعور بالاختناق كي يزول ويتلاشى بفعل سحر الطبيعة، ستُذهلك النتيجة!
10- قلل الشعور بالوحدة واحصل على حيوان أليف
يمكن للحيوانات الأليفة أن تخفف الشعور بالوحدة والانعزال عن العالم الخارجي، تلك الكائنات الظريفة بحركاتها المضحكة وعيونها البرّاقة ستجعلك تشعر بحال أفضل حتمًا.
لكنّ تذكّر أنّ الحيوانات الأليفة ليست حلاّ سحريًا للتخلص من الشعور بالوحدة، وهي مسؤولية تأخذها على عاتقك، فهي تحتاج إلى العناية والرعاية، لكننا نؤكّد لك أنّك لن تندم على اتخاذ هذه الخطوة!
11- تحكّم في مستويات التوتر لديك
إن كنت تعاني من الكثير من التوتر في حياتك، فابدأ بالبحث عن طرق للتقليل من، يمكنك على سبيل المثال:
- تعلم تقنيات إدارة وتنظيم الوقت.
- تمرّن على اليوغا.
- مارس التأمل.
- تدرّب على تقنيات التنفس.
حينما تسيطر على مستويات التوتر في حياتك، ستصبح أكثر قدرة على التعامل مع مشاكلك الأخرى ومن أهمّها الشعور بالوحدة والانعزال.
12- تدرب على الوعي الذاتي Mindfulness
نقضي جزءًا كبيرًا من وقتنا في التفكير بأمور ليست حاضرة معنا حقًا. قد تكون هذه الأمور أحداث حصلت في الماضي، أو قد تحصل في المستقبل، أو ربما لن تحدث إطلاقًا.
بمعنى آخر، أفكارنا دائمًا إمّا في الماضي أو في المستقبل، لكنها نادرة ما تكون حاضرة في اللحظة الراهنة، وهذا بالضبط ما يُساعدك الوعي الذاتي على الوصول إليه.
هذه الطريقة فعّالة جدًّا في علاج الشعور بالوحدة العاطفية على وجه الخصوص. حينما تركّز على اللحظة الراهنة، وتتمرّن على الوعي الذاتي بما يحدث من حولك وفي داخلك الآن، ستصبح قادرًا على أن تتواصل مع الآخرين، أن تشعر بوجودهم في الواقع حقًا وأن تتشارك معهم لحظات حقيقية، بدلاً من مجرّد حضور جسدي فقط.
13- اجعل بيئتك مشرقة أكثر
يرتبط الاكتئاب الموسمي في كثير من الأحيان بتغيّر مدّة النهار خلال فصول السنة المختلفة.
إن كنت ممّن يشعرون بحال أسوأ خلال فصول معيّنة من السنة (خاصّة الشتاء والخريف)، حاول قدر الإمكان أن تجعل مكتبك ومنزلك أكثر إشراقًا.
جرّب القيام بأيّ ممّا يلي:
- افتح ستائر النوافذ واسمح لضوء النهار بالدخول.
- قم بتقليم أغصان الأشجار التي قد تحجب النور عن الدخول إلى منزلك.
- اجلس بالقرب من النافذة خلال النهار أو عند العمل واحظَ ببعض من أشعّة الشمس.
- استخدم اللمبات والإضاءات العالية التي تحاكي ضوء النهار لإضفاء مزيد من الإشراق إلى منزلك.
- اختر ألوانًا زاهية وفاتحة لطلاء جدران المنزل أو عند شراء الأثاث.
تذكّر دومًا، حتى وإن لم تكن تعاني من الاكتئاب الموسمي، فإضفاء بعض الإشراق على البيئة المحيطة بك سيُسهم حتمًا في إشعارك بمزاج أفضل، وبالتالي التقليل من الشعور بالوحدة والانعزال عن العالم.
14- احصل على قسط كاف من النوم الجيد
كثيرة هي الدراسات والأبحاث التي تُظهر أثر النوم الجيّد على الصحة الجسدية والنفسية. وما تسبّبه قلته من تعكير المزاج وسوء تنظيم العواطف وتكرار الأفكار السلبية.
لذا، إن كنت تشعر بالوحدة والانعزال عن العالم، فربما حان الوقت لتُعيد تنظيم أوقات نومك ومدّتها ونوعيتها أيضًا.
الحصول على قسط كافٍ من النوم (ما معدّله 7-9 ساعات كلّ ليلة.) سيُسهم في تحسين مزاجك وشعورك العام، وبالتالي التأثير إيجابًا على علاقاتك مع العالم.
كلمة أخيرة
الشعور بالوحدة والانفصال عن العالم الخارجي أمر طبيعي قد يصيب أيًّا كان في أيّ وقت، لكن ذلك لا يعني أنّه سيستمرّ للأبد. من خلال اتخاذ خطوات بسيطة وصغيرة كلّ يوم، ستبدأ باستعادة حيويتك من جديد، لتتجدّد معها الرغبة في التواصل مع العالم والخروج من العزلة.
خذ وقتًا مستقطعًا لنفسك، حدّد أسباب شعورك بالوحدة، ثمّ ضع لنفسك هدفًا بأن تعتني بنفسك وتمنحها الأولوية من أجل التغلّب على هذا الأمر.