كانت ولا تزال القصص القصيرة تحمل في طيّاتها عوالم من الحكمة والمتعة في آنٍ واحد، حيث أنّها تجسّد تجارب الحياة وتلخّصها في كلمات معدودة عميقة التأثير.
سواءً كنّا أطفالاً نستمتع بالإنصات لحكايا الجدّات والأمهات قبل النوم، أو بالغين نجد الراحة والإلهاء في السرد، تبقى القصص القصيرة منفذًا إلى عالم مليئ بالدروس والمعاني.
فيما يلي 9 قصص قصيرة معبّرة بعضها حقيقي والآخر من نسج خيال الأجداد، لكنّها جميعها تشترك في احتوائها على معنى عميق وعبرة يمكننّا التفكّر فيها لجعل حياتنا أفضل!
في هذا المقال
- 1- قصّة الخياط الثري
- العبرة من القصّة
- 2- الرحّالة والعقرب
- العبرة من القصّة
- 3- الولد الممتنّ
- العبرة من القصّة
- 4- قصة سقراط والغيبة
- العبرة من القصّة
- 5- قصة المزارع الصيني
- العبرة من القصّة
- 6- قصّة العميان والفيل
- العبرة من القصّة
- 7- قصّة الآيسكريم
- العبرة من القصّة
- 8- قصّة الحبل والفيل
- العبرة من القصّة
- 9- قصّة النحّات
- العبرة من القصّة
1- قصّة الخياط الثري

يُحكى أنّه عاش في إحدى القرى الفقيرة، خيّاط عجوز طيب القلب، وكان هو الخيّاط الوحيد في القرية، لذلك كان يتكفّل بخياطة جميع ملابس القرويين مقابل ثمن معقول.
وفي أحد الأياك جاءه أحد القرويين وقال له:
– أنت تملك الكثير من المال، فلماذا لا تساعد الفقراء؟ إنّ جزّار القرية لا يملك نصف ما تملكه لكنّه مع ذلك يتصدّق على الفقراء ويقدّم لهم اللحم مجانًا في كلّ يوم.
فأجاب الخيّاط:
– الله وحده يعلم نوايا الناس، وهو الوحيد الذي يحاسبنا على ما نملكه من مال، وكيف ننفقه.
اغتاظ القروي ممّا سمعه، وغضب غضبًا شديدًا، وغادر منزل الخيّاط ممتعضًا. ثمّ راح ينشر الإشاعات عن العجوز، فأخبر القرويين أنّه رجل بخيل، يحبّ المال حبًّا جمًّا ويرفض مساعدة المحتاجين أو التصدّق عليهم بجزء من أمواله.
ومرّت الأيام، ومرض الخيّاط العجوز، فلم يزره أحدٌ من أهل القرية، وما هي إلاّ أيّام معدودة حتى فارق الحياة، فلم يحضر جنازته أحدٌ أيضًا.
وبعد شهر واحد من وفاة الخيّاط، توقّف الجزّار عن تقديم اللحم المجاني للفقراء. فاستغرب القرويون من ذلك، وسألوه عن سبب تحوّل حاله. فأجاب قائلاً:
- اللحم الذي كنتُ أوزّعه لم يكن من مالي الخاص، فقد كان الخياط العجوز يقدّم لي مبلغًا من المال في كلّ شهر، ويطلب منّي أن أستعمله في التصدّق على الفقراء باللحم، وبعد وفاته، لم أعد أملك مالاً أشتري به لحمًا لأوزّعه بالمجان!
العبرة من القصّة
لا تتدّخل فيما لا يعنيك، ولا تدّعي معرفتك بنوايا الناس ودواخلهم، فذلك أمرٌ تكفّل به الله. في النهاية، لكلّ شخص الحريّة المطلقة في فعل ما يشاء ما دامت أفعاله لا تؤذيك.
اقرأ أيضًا: قصّة قصيرة ملهمة: خلقت لتحلّق عاليًا
2- الرحّالة والعقرب

مرّ أحد الرحالة في يوم من الأيام بنهر جارٍ، ورأى على سطح الماء عقربًا يحاول بيأس أن ينقذ نفسه من الماء ويعودَ إلى اليابسة، لكن دون جدوى. فاقترب الرحّالة منه محاولاً إنقاذه لكن العقرب لدغه…
تألّم الرحّالة كثيرًا، ومع ذلك فقد مدّ يده مجدّدًا لإنقاذ العقرب، وفي هذه المرّة أيضًا لدغه… وتكرّر ذلك لبضع مرّات.
أثناء ذلك، مرّ رجل آخر بجانب النهر ورأى محاولات الرحّالة المسكين لإنقاذ العقرب، وما يلقاه من لدغ مؤلم…فاقترب منه وقال:
– سيلدغك العقرب في كلّ مرّة تقترب منه، فلماذا تصرّ على مساعدته؟!
أجاب الرحّالة قائلاً:
– طبع العقرب هو اللدغ، وطبعي هو تقديم العون للمحتاج، فلماذا أسمح لطبيعة الآخرين أن تغيّر طبيعتي!
العبرة من القصّة
بغضّ النظر عن أنّ لدغة العقرب خطيرة وسامّة للغاية، ولا يجب أن تعرّض نفسك لخطر مماثل من أجل إنقاذ عقرب، لكن المغزى مهمّ وعميق.
كم من مرّة سمحنا للظروف من حولنا ولطبيعة البشر الآخرين أن تغيّر من طبيعتنا؟ كم مرّة تحوّلنا إلى أشخاص قساة لمجرّد أنّ أحدهم قد جرحنا أو قام بإيذائنا؟! وكم هو جميل أن تبقى محافظًا على جوهرك الداخلي النقيّ وطبيعتك البشرية المحبّة على الرغم من كلّ محاولات العالم لتغييرك وتجريدك من مشاعر الإنسانية!
كن أثرًا جميلاً في هذا العالم، وخذ من العالم كلّ أثر جميل…
3- الولد الممتنّ

عاشت في إحدى البلاد البعيدة امرأة أرملة مع ابنها الصغير في كوخ متواضع على أطراف المدينة. كانت المرأة تحصل على معونة من الحكومة، وعلى الرغم من قلّة المبلغ الذي كانت تتقاضاه، إلاّ أنها وابنها كانا راضيين كلّ الرضا، ولم يُذكر عنهما أنّهما كانا يشكوان قلّة المال أو ضنك العيش.
وفي إحدى أيّام الشتاء قارسة البرودة، هطل المطر غزيرًا على القرية التي تعيش فيها هذه المرأة، ومن شدّة غزارته، فقد بدأ يتسرب إلى داخل الكوخ من السقف المتهالك الآيل للانهيار، فسارعت الأم الطيبة لحماية ابنها الصغير من المطر، واحتضنته بين ذراعيها، لكن ملابسها كانت بالفعل مبللة، وزادن من شعور الصغير بالبرد.
فكّرت الأمّ قليلاً، ثم اهتدت إلى فكرة بدت لها رائعة، فقامت وفكّت باب المنزل وأسندته إلى أحد جدارن الكوخ، وجلست بعدها وابنها تحته.
شعر الصغير بفرح عامر، وقال لوالدته بسرور: نحن محظوظان للغاية، ماذا يفعل الفقراء المساكين الذين لا يملكون بابًا يحتمون تحته
من مياه الأمطار يا ترى؟!
العبرة من القصّة
بقدر ما تبدو عليه هذه القصّة من أنّها خيالية ومبالغ فيها، لكنّها تعلّمنا درسًا مهمًّا… ألا وهو الرضا والقناعة. عندما ترضى بما لديك وتشعر بالامتنان لما تملك من نعم، ستتلاشى من قلبك مشاعر الغيرة والحقد والنقمة، وستجد السعادة في أبسط ملذّات الحياة. لكن إن غاب الرضا من حياتك، فلن تحسّ بأنّك تملك ما يكفي حتى وإن ملكت كنوز الدنيا بأسرها.
اقرأ المزيد: أفرغ كوبك أوّلاً
4- قصة سقراط والغيبة

عُرف عن سقراط أنّه كان يتمتّع بمعرفة واسعة وحكمة عميقة. وهذه إحدى القصص التي تلقي الضوء على هذه السمات. في أحد الأيام جاءه أحد تلاميذه وقال له:
– هل سمعت ما قالك عنك صديقك؟
فأجابه سقراط:
– قبل أن تخبرني بما قاله عني، أريد أوّلاً أن أسألك ثلاثة أسئلة.
– حسنًا!
– سؤالي الأول، هل أنت متأكّد من صحّة ما ستخبرني به؟
أجاب الرجل:
– ما سمعته عنك دارج بين الناس حولنا، لكني لا أعلم إن كان صحيحًا أم لا.
– سؤالي الثاني، هل ما ستخبرني به أمرٌ جيّد؟
– على العكس، هو أمرٌ سيء مُشين.
– وسؤالي الثالث، هل ما ستطعلني عليه أمرٌ سيُفيدني؟
– كلاّ، لا أعتقد أنّ فيه ما سيفيد!
تنهّد سقراط وصمت قليلاً، ثم أضاف قائلاً:
– إن كان ما ستقوله لي لا صحيحًا، ولا جيّدًا ولا مفيدًا…فلماذا تودّ إخباري به إذن؟!
العبرة من القصّة
إن كنت لا تجرؤ على قول شيء سيء عن شخص في وجهه، فمن الجُبن أن تتحدّث عنه بسوء أمام الآخرين في غيابه.
5- قصة المزارع الصيني

يُحكى عن مزارع صيني أنّه كان يملك حصانًا هرب منه، ولم يعثر له على أثر. فجاء أهل القرية إليه في ذلك المساء وراحوا يواسونه قائلين: “إنّه أمرٌ مؤسف حقًا!”، فكان جواب المزارع: “ربّما…”.
في اليوم التالي عاد الحصان إلى المزرعة ومعه سبعة خيول أخرى، فجاء القروييون إليه مجدّدًا يباركون له ويهنؤونه بعودة الحصان قائلين: “هذا خبر رائع ومفرح حقًا! أليس كذلك؟”، فأجاب المزارع مجدّدًا: “ربّما!”.
وفي اليوم الذي يليه، كان ابن المزارع يحاول امتطاء صهوة أحد الأحنصة السبعة، فوقع أرضًا، وكسر ساقه، ومرّة أخرى جاء القروييون مساءً يطمئنون على المصاب قائلين: “إنّها حادثة مؤسفة للغاية”، فردّ المزارع: “ربّما!”
وهكذا، في الغد، جاء ضبّاط عسكريّون إلى القرية، وأخذوا كلّ شبّان القرية لتجنيدهم في الجيش، لكنّهم لم يأخذوا ابن المزارع بسبب إصابته، فجاء أهل القرية مرّة أخرى قائلين: “إنّه خبر سارّ حقًا، أليس كذلك؟”، فماذا كان ردّ المزارع يا ترى؟
أجل…لقد أجاب بكلمته المعتادة: “ربّما!”
واستغرب أهل القرية ردّه الثابت الذي لا يتغيّر سواءً كان الحدث سارًّا أو محزنًا، لكنّه في الواقع ردّ حكيم وعميق ينمّ عن رضا المزارع وثقته التامّة بما كتبه الله لهّ
العبرة من القصّة
علينا أن نكون حذرين عند وصف ما يصيبنا من أحداث بأنها جيدة أو سيئة، فما نظنّه سيئًا قد يكون فيه خير عظيم لنا، وما قد يُخيّل لنا أنّه أمر جيد ربّما فيه شرّ كبير.
العالم أعقد ممّا نظن، ولا أحد يعلم ما في الغيب، وهنا لا بدّ أن نتذكّر دومًا الآية الكريمة:
“وَعَسَى أَنْ تَكْرَهُوا شَيْئًا وَهُوَ خَيْرٌ لَكُمْ وَعَسَى أَنْ تُحِبُّوا شَيْئًا وَهُوَ شَرٌّ لَكُمْ وَاللَّهُ يَعْلَمُ وَأَنْتُمْ لَا تَعْلَمُونَ” – {البقرة:216}
6- قصّة العميان والفيل

سمع مجموعة من الرجال العميان في قديم الزمان عن وصول حيوان غريب يُدعى الفيل إلى مدينتهم، ولم يكن أحدٌ حينها يعرف شكله أو هيئته. وبدافع الفضول قرّر الرجال الذهاب إلى ساحة المدينة حيث يوجد هذا “الفيل” ومحاولة معرفة المزيد عنه من خلال حاسّة اللمس، فلم يكن أحدٌ منهم قادرًا على رؤيته بعينيه الضريرتين.
وكذلك كان الحال، ذهب الرجال، وتحسّسوا أجزاء مختلفة من الفيل، ثمّ اجتمعوا فيما بينهم بعدها لمحاولة وصف شكله، فقال الأول الذي لمس خرطومه:
– هذا الكائن يشبه الثعبان السميك!
وقال الثاني الذي لمس أذنيه:
– بل هو يشبه المروحة الكبيرة.
وأردف الثالث الذي وضع يده على ساقه:
– بل هو جذع شجرة ضخم!
أمّا الرابع الذي لمس جسده، فأكّد قائلاً:
– أنا متأكد أنّه ليس سوى حائط كبير!
وأخيرًا قال الخامس الذي لمس ناب الفيل:
– بل أملس وناعم كالرمح!
وتشاجر الرجال فيما بينهم وامتدّ نقاشهم واحتدّ، فوصف كلّ واحد منهم الآخر بأنّه مخطئ ويهذي بما لا يدري، ثمّ انتهى النقاش بفراقهم وانتهاء صداقتهم.
العبرة من القصّة
لكلّ منّا وجهة نظر خاصّة به قد تختلف عن الآخرين، لكن هذا لا يعني بأيّ شكل من الأشكال أن وجهات نظر الآخرين خاطئة، وكما أنّ وصف كلّ واحد من الرجال في قصّتنا كان مختلفًا عن الآخرين، لكنّ كلّ ما قالوه كان صحيحًا ويصف جزءًا من حقيقة شكل الفيل. قِس على ذلك كلّ شيء آخر في الحياة. العالم ضخم جدًّا، ولا يمكن لأيّ شخص مهما كان ذكيًا ومقتدرًا أن يعرف جميع جوانبه، لذا احرص دومًا على الاستماع إلى الآخرين وتقبّل منظورهم الخاصّ عن الحياة، واستفد من آرائهم في تشكيل فهم أعمق وأكثر دقّة عن العالم!
7- قصّة الآيسكريم

قبل سنوات عديدة عندما كان سعر الآيسكريم لا يتجاوز بضع سنتات، دخل طفل ذو 10 أعوام إلى أحد المقاهي في المدينة، وجلس إلى طاولة فارغة، فدنت منه النادلة ووضعت كوبًا من الماء أمامه، وهنا سألها الصبي:
– كم يبلغ ثمن آيسكريم صنداي مع الشوكولا؟
– 50 سنتًا.
أجابت النادلة، فأخرج الصغير ما معه من قطع نقدية وراح يعدّها برويّة، ثم سأل مجدّدًا:
– وكم سعر الآيسكريم العادي من دون أيّ إضافات.
– 35 سنتًا.
ردّت النادلة وقد بدأ صبرها ينفد بعد أن رأت المزيد من الأشخاص يدخلون المقهى ويبحثون عن مكان للجلوس.
– حسنًا سآخذ صحنًا من الآيسكريم العادي دون إضافات.
وذهبت النادلة لإعداد الطلب، ثمّ عادت بعد دقائق مع صحن من الآيسكريم ومعه الفاتورة، فوضعتها على الطاولة بجمود وغادرت.
أنهى الصبي تناول الآيسكريم، وترك على الطاولة مبلغ 50 سنتًا، 35 منها ثمن الآيسكرين والـ 15 سنتًا المتبقية كإكرامية للنادلة!
العبرة من القصّة
الحكم على الآخرين من مظهرهم أو لأسباب سطحية قصص من الخيال غالبًا ما يكون مُجحفًا بحقّ هؤلاء الأشخاص. تحلّى دومًا بالصبر وحاول قدر الإمكان أن تكون متفهّمًا لمشاعر الآخرين وظروفهم، بدلاً من الانجراف مباشرة لإلقاء الأحكام عليهم.
8- قصّة الحبل والفيل

بينما كان رجلٌ يسير بمحاذاة خيمة السيرك في إحدى المدن، لفت انتباهه حقيقة أنّ الفيلة ليست مربوطة سوى بحبل رفيع حول قدمها يمكنها التحرّر منه بسهولة، ومع ذلك فقد كانت ثابتة في مكانها ولم يكن أيّ منها يحاول الهروب أو التخلّص من الحبل.
ومن ذدّة فضوله بادر بسؤال مدرّب الفيلة في السيرك عن السبب وراء تصرّف الفيلة الغريب، فأجابه هذا الأخير:
– لقد كنّا نربط الفيلة بهذا الحبل عندما كانت لا تزال صغيرة، وكان وقتها كافيًا ليبقيها في مكانها ويمنعها من الهروب. في البداية كانت الفيلة تحاول التحرّر من الحبل، لكنها في كلّ مرّة تفشل في ذلك، ومع نموّها وكبرها بدأت ترسّخ لديها الاعتقاد بأنها لن تستطيع التحرّر مهما حاولت، وهكذا توقّفت عن المحاولة!
فهل حالك كحال هذه الفيلة يا تُرى؟!
العبرة من القصّة
التجارب الصعبة والفشل المتكرّر قد يجعل البعض أقلّ تفاؤلاً وإيمانًا بقدرتهم على النجاح، ويدفهم في نهاية المطاف إلى الاستسلام والتوقف عن المحاولة.
لكن ما يجهله هؤلاء الأشخاص، أنّه ومع مرور الوقت، ومع التجارب المستمرّة ستزداد قوّتهم ووعيهم، ولو حاولوا ثانية فنسب نجاحهم ستكون أعلى.
تذكّر دومًا مقولة توماس إديسون: “أنا لم أفشل ولكنني وجدت 10 آلاف طريقة لا يمكن للمصباح العمل بها!”
9- قصّة النحّات

يُحكى في إحدى الأساطير القديمة أنّ نحّاتًا كان يعيش في الجبال ويعمل في مهنة النحت على الصخور والحجارة، لكنّه لم يكن سعيدًا أو راضيًا عن حياته، وفي يومٍ من الأيام بينما كان غارقًا في النحت على صخرة عظيمة وهو يتصبّب عرقًا، وملامح التعب بادية عليه مرّ بالقرب منه موكب الملك بفخامته وعظمته، فأغمض النحّات عينيه وتمنّى لو أنّه يصبح مثله.
وفجأة بفعل قوّة غريبة تحوّل حقًا إلى ملك، ففرح كثيرًا وعاش أيامًا من العزّ والرفاهية إلى أن أدرك أنّ هنالك ما هو أقوى من الملك!
خرج في أحد الأيام للصيد، وكان الجوّ حارًّا والشمس تضرب بأشعتها كلّ كائن على الأض، فتمنّى حينها أن يكون شمسًا، وبالفعل كان له ذلك… فتح عينيه ووجد انّه قد تحوّل إلى الشمس، وقضى مدّة من الزمن سعيدًا بحالته الجديدة إلى أن عبرت في يوم من الأيام الغيوم من أمامه وغطّت ضوءه فانبهر بقدرة الغيم على تغطية نوره، ومجدّدًا تمنى أن يكون غيمًا، وفي لمح البصر تحوّل إلى غيمة…
وهكذا سار في هيئته الجديدة يجوب بقاع الأرض إلى أن وصل إلى أرض جبلية بعيدة، وذُهل من علوّ الجبال وشموخها الذي يعانق الغيوم، فتمنّى أن يكون جبلاً… وبالطبع كان له ذلك! تحوّل إلى جبل عظيم شاهق، وفرح بشكل الجديد أيّما فرح، إلى أن رأى في يوم من الأيّام نحّاتًا يحفر في الصخر ويحوّله إلى أشكال ومجسمّات مبهرة أذهلته… فأغمض عينيه، وتمنى أن يكون نحّاتًا، ليعود من جديد إلى هيئته وحقيقته الأولى…
العبرة من القصّة
من منّا لم يتمنى في يوم من الأيام أن يكون غنيًّا أو مشهورًا أو أن يحصل ويمتلك ما يراه لدى غيره، معتقدًا أنّه سيحقّق بذلك السعادة ويصل إلى قمة الرضا، لكن وبمجرّد أن يتحقق حلمه، نجده يشعر بالخيبة، وقد يدخل في دوّامة الاكتئاب لأنه اكتشف أنّ ما حصل عليه لم يحقق له السعادة التي كان يتخيّلها.
تؤكّد لنا هذه القصّة وإن لم تكن حقيقية أنّ فكرة “العشب على الجانب الآخر أكثر خضرة” أو كما يُقال بالإنجليزية: “The grass is greener on the other side” ليست صحيحة دائمة، وأنّ السعادة الحقيقية لا تنبع من الخارج وإنّما مصدرها داخلي، منك أنت وحدك!
إن لم تكن قادرًا على الشعور بالسعادة والرضا وأنت في وضعك الحالي، فمن غير المحتمل أن تكون سعيدًا حقًا إن حقّقت المزيد أو وصلت إلى مراتب أعلى.
لا أعنى هنا أن تتوقف عن المحاولة للوصول إلى مكان أفضل، لكن ما أريد قوله هو أن تكون راضيًا بما تملك، سعيدًا بما لديك في الوقت الحالي، وآملاً وطموحًا بتحقيق ما هو أفضل في المستقبل.
الرضا والامتنان هما مصدر السعادة الحقيقية!
أيّ القصص أعجبتكم أكثر؟ وما هي العبرة التي خلصتم بها من هذه القصص؟ شاركوني آراءكم من خلال التعليقات.
أعجبتك هذه القصّة؟ اقرأ المزيد من القصص المعبرة و قصص الأطفال المميزة على موقع حدّوتة.
Your writing has a way of resonating with me on a deep level. I appreciate the honesty and authenticity you bring to every post. Thank you for sharing your journey with us.